الشرك، فهو من الشرك الأصغر، والفرق بينه وبين الذي قبله أن الأول دعاء غير الله، والثاني مخاطبة الميت بما لم يَرِدْ في الكتاب والسنة، ولكنه لم يَدْعُه، ولم يسأله قضاء الحاجات وتفريج الكربات؛ فلم يصرف له العبادة.
٣ - أن يقول في دعائه لله - عز وجل -: «أسألك يا رب بفلان»، يقصد بذاته أو بحقه أو بجاهه، ونحو ذلك، وليس هذا مشهورًا عن الصحابة - رضي الله عنهم - بل عدلوا عنه إلى التوسل بدعاء العباس - رضي الله عنه -، وتَرْكهم لهذا النوع ـ مع وجدود المقتضي له وانتفاء الموانع منه، واستحضارهم له ـ يدل على أنهم تركوه تعبدًا لله ففِعْله بدعة، ولا يصح عن أحد من الصحابة خلافه. وهذا النوع الأخير فيه خلاف بين أهل العلم لكن الصحيح النهي عنه.
* اعتاد كثير من المسلمين منذ قرون طويلة أن يقولوا في دعائهم مثلًا:«اللهم بحق نبيك أو بجاهه أو بقدره عندك عافني واعف عني» و «اللهم إني أسألك بحق البيت الحرام أن تغفر لي» و «اللهم بجاه الأولياء والصالحين، ومثل فلان وفلان»
ويسمون هذا توسلًا، ويدَّعُون أنه سائغ ومشروع، وأنه قد ورد فيه بعض الآيات والأحاديث التي تقره وتشرعه، بل تأمر به وتحض عليه، وبعضهم غلا في إباحة هذا حتى أجاز التوسل إلى الله تعالى ببعض مخلوقاته التي لم تبلغ من المكانة ما يؤهلها لرفعة الشأن، كقبور الأولياء، والحديد المبني على أضرحتهم، والتراب والحجارة والشجر القريبة منها، زاعمين أن ما جاور العظيم فهو عظيم، وأن إكرام الله لساكن القبر يتعدى إلى القبر نفسه حتى يصح أن يكون وسيلة إلى الله.
وفي قضية التوسل التي نحن بصددها الحق مع الذين حظروا التوسل بمخلوق، ولم نر لمجيزيه دليلًا صحيحًا يعتد به، ونحن نطالبهم بأن يأتونا بنص صحيح صريح من الكتاب أو السنة فيه التوسل بمخلوق، وهيهات أن يجدوا شيئًا يؤيد ما يذهبون إليه، أو يسند ما يدعونه، اللهم إلا شبهًا واحتمالات.
ومن الغريب حقًا أنك ترى هؤلاء يُعرِضون عن أنواع التوسل المشروعة السابقة، فلا يكادون يستعلمون شيئًا منها في دعائهم أو تعليمهم الناس مع ثبوتها في الكتاب والسنة وإجماع الأمة عليها، وتراهم بدلًا من ذلك يعمدون إلى أدعية اخترعوها،