للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن مصدر هذا التشريع ليس بقعة من بقاع الأرض، ولا اجتهادًا بشريًا قاصرًا، وإنما هو شريعة الله التي أنزلها هدى ورحمة للعالمين.

فهو لم ينبع من أرض عربية أو أعجمية، ولا اخترعته أدمغة بشرية، وإنما هو حكم الله الذي أوحى به إلى عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ليبلغه للناس، وليحملهم تبعة تطبيقه والعمل به.

٣ - أن تعلق هؤلاء بالجديد ونبذهم للقديم؛ ليس مبنيًا على منطق عقلي سليم وإنما هو استجابة لوهم من الأوهام النفسية التي تتعلق بالجديد أيًا كان نوعه، ظنًا منها بأنه لا يزال يحتفظ بذخره ومكنون خيراته، وتعاف القديم مهما كان نوعه

أيضًا لتبرمها به وتوهمها بأن الزمن قد استحلب خيراته، وقضى على فوائده، وأن العقل البشري لا بد أن يكون قد تجاوزه إلى ما هو أجدى وأنفع.

ولا يجوز لعاقل يحترم عقله أن يستجيب لهذه الإيحاءات النفسية الخاطئة، ويلغي ما يقتضيه العقل السليم، والمنطق الصحيح.

ولئن كانت النفس البشرية تخيل لصاحبها أن القديم قد زال نفعه، وجنيت ثماره، فإن العقل السديد يقرر أن قيمة كل قديم وجديد بجدواه وآثاره، وتحقيقه للثمرة المرجوة منه. ورُبّ جديد كان مبعث شقاء ودمار على الإنسان، ورب قديم

شهد له العقلاء، والتاريخ الغابر، والواقع المعاصر، على أنه كان ولا يزال مصدر خير وسعادة لكل من ظفر به.

ولقد علم كل إنسان أن مقومات الحياة في هذه الدنيا، من شمس وهواء، وأرض وماء، وزرع وضرع؛ لم يُخْلِقْها تعاقب الزمان، وكَرُّ الليالي والأيام!

فهل قاطع أصحاب النفوس التي تشمئز من القديم هذه المقومات الأساسية لقِدَمِها؟ وهل تحولوا ساعة عن التعامل معها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>