والثاني: أنه لا يوجد في كلامهم: يعجبني أن قُمْ، والنفي فيه صعب وأثبته غيرهم، إذاً (أن) المصدرية توصل بالفعل مطلقاً، ويشترط في هذا الفعل أن يكون متصرفاً، وأما الجامد كـ (عسى) و (نعم) و (بئس) فنقول هذه لا توصل بها، فإن جاء في النص ((وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) [النجم:٣٩]((وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ)) [الأعراف:١٨٥] حينئذٍ نحمل هذه (أن) على أنها المخففة من الثقيلة كما يأتي في المحلي.
إذاً ((وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ)) [النجم:٣٩] و (أن) هو، ((لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) [النجم:٣٩] فحينئذٍ اسمها ضمير مستكن، واجب الحذف، والجملة التي تقع بعدها في محل رفع خبر أن.
وكذلك قوله (وأن عسى): وأن هو، هذا ضمير الشاذ محذوف ويأتي في محله إن شاء الله تعالى.
الثاني:(أنّ) المشددة المثقلة أخت (إن)(لأن إن) دل على (أن) هذه تعمل عمل (إن) وهي فرع عنها، والأصل (إن) بالكسر، فحينئذٍ (إن) و (أن) هذه تنصب المبتدأ على أنه اسم لها، وترفع الخبر على أنه خبرٌ لها.
(أنَّ) من شروطها –فتحها-، لابد أن تكون مسبوقة بكلام، لا تأتي في أول الجملة، وإن زيداً قائمٌ، كلام صحيح مستقيم ولها مواضع يأتي في محله.
أن زيداً قائمٌ: هذا لا يصح هذا غلط، لماذا؟ لأن (أن) وما دخلت عليه في قوة المفرد، لأنها تؤول بمصدر، حينئذٍ كيف يقال: أنَّ زيداً قائمٌ، كأنه إذا قال ابتداءً قيام زيدٍ، وهل قيام زيدٍ هذه جملة، ليس بجملة، غلامٌ زيدٍ، جملة، ليس جملة، مركبة تركيب إضافي، فإذا ابتدأ الكلام بها: أن زيداً قائمٌ، تقول: هذا لحن خطأ؛ لأنه ليس بكلام، لابد أن يسبقها شيء يكون عاملاً في المصدر، في محله، أعجبني أن زيداً قائمٌ، حينئذٍ نقول: أعجبني قيامُ زيد، فـ (أنَّ) توصل مع ما بعدها فتؤول بمصدر، تؤول بمصدر، فهي في قوة المصدر، في قوة المفرد، وتوصل باسمها وخبرها، عجبتُ من أن زيداً قائمٌ، يعني: عجبت من قيام زيد، ((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا)) [العنكبوت:٥١] أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ، يَكْفي: نقول هذا فعل مضارع، والهاء هذا ضمير متصل مبني على الكسر في محل نصب مفعول به.
((أَنَّا أَنْزَلْنَا)) [العنكبوت:٥١]: تعربها تفصيلا: أن واسمها وخبرها الجملة هنا، أنه وما دخلت عليه في تأويل مصدر، هذا المصدر مصدر الخبر، -خبر أن-، فتقول: أولم يكفهم إنزالنا، فحينئذٍ إذا أردت المصدر الذي يكون تأويلاً لأن وما دخلت عليه لك طريقان أو لك نضران: