فإن كان له مصدر فمن النوع الأول، يعني المصدر الصريح، وإلا فمن الثاني المؤول بالصريح، تقول: ما أشد كونه جميلاً، أو ما أكثر ما كان محسناً، (ما) هذه مصدرية، -هذا غريب عند النحاة-، إذا كان ما له مصدر فحينئذٍ كيف نقول: مصدر مؤول؟ قالوا: إذا لم يكن له مصدر نأتي بـ (ما) المصدرية و (كان) فيكون مؤولاً بالمصدر.
الصواب: أن (كان) لها مصدر.
أو ما أكثر ما كان محسناً، وأما الجامد والذي لا يتفاوت معناه فلا يتعجب منهما البتة، الجامد ليس له مصدر؛ لأنه قال: (وَمَصْدَرُ العَادِمِ) إذن: ما لا مصدر له وهو الجامد لا يتعجب منه البتة، وما لا يتفاوت هذا خرج عن معنى التعجب؛ لأن التعجب فيه استعظام وصف .. زيادة وصف في الفاعل، وهذا ليس فيه استعظام. وكذلك ما لا فعل له؛ لأنه لا مصدر له.
إذن: وَمَصْدَرُ العَادِمِ أخرج نوعين: الجامد الذي لا مصدر له، وما لا فعل له وهو الاسم كما ذكرناه في جلف ما أجلفه، وما أحمره، نقول: هذا يحفظ ولا يقاس عليه.
قال الشارح: يعني أنه يتوصل إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بأشدد ونحوه، وبأشد ونحوه، هذا متى؟ إذا لم يستكمل الشروط، لكن في التصريح للأزهري قال: ولا يختص التوصل بأشد ونحوه بما فقد بعض الشروط، بل يجوز فيما استوفى الشروط نحو: ما أشد ضربَ زيد لعمرو، ولا يرد هذا على الناظم؛ لأن مراده يخلف وجوباً.
يعني: ما استوفى الشروط لك أن تأتي به على الطريقة الثانية أشدد وأشد، هذا إذا استوفى الشروط، لكنه ليس هو الشائع، ليس هو الفصيح. وما عدم بعض الشروط تعين.
إذن: يخلف وجوباً لا جوازاً، هذا مراد الناظم، وأما الجواز وذلك فيما إذا استوفى الشروط، لكنه ليس بالمشهور.
وينصب مصدر ذلك الفعل العادم شروطه بعد أفعل مفعولاً على الأصل، ويجر بعد أفعِل بالباء فتقول: ما أشد دحرجته واستخراجه، وأشدد بدحرجته واستخراجه، وما أقبح عوره، وأقبح بعوره، وما أشد حمرته، وأشدد بحمرته.
وبِالنُّدُورِ احْكُمْ لِغَيْرِ مَا ذُكِرْ ... وَلاَ تَقِسْ عَلَى الَّذِي مِنْهُ أُثِرْ
(وبِالنُّدُورِ احْكُمْ) يعني: ما لم يستوفِ الشروط وجاء على صيغة ما أفعَله على الأصل دون التوسط بأشدد وأشد، حينئذٍ نقول: هذا نادر، وإذا قيل: نادر في مثل هذا حينئذٍ نقول: شاذ، ولذلك قال: لا تقس.
إذن: ما لم يستوفي الشروط إذا جيء به على وزن ما أفعل وأفعِل به قلنا: هذا يحفظ ولا يقاس عليه؛ لأن ما عدم الشروط يجب أن ينتقل إلى الطريقة الثانية.
(وبِالنُّدُورِ احْكُمْ) احكم بالندور، يعني القلة.
(لِغَيْرِ مَا ذُكِرْ وَلاَ تَقِسْ عَلَى الَّذِي مِنْهُ أُثِرْ) يعني: نقل عن العرب، مع أنه منقول، نقول: هذا يحفظ ولا يقاس عليه.
(وبِالنُّدُورِ احْكُمْ لِغَيْرِ مَا ذُكِرْ) قيل: البيت هذا لا داعي له، يعني مفهوم مما سبق؛ لأنه قال: (وَصُغْهُمَا مِنْ ذِي ثَلاَثٍ) بين أنه لا بد من شروط، ثم بين الطريقة في تخلف الشروط.
إذن: علم من الأبيات الأربعة: أن ما جيء به على الأول بِأَفْعَلَ انْطِقْ ولم يستوفِ الشروط حكمنا عليه بأنه نادر شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، لكن هذا اعتراض معترض.