فالحاصلُ أن ياءَ المتكلم تفتح مع المنقوص كراميَ والمقصور كعصايَ والمثنى كـ (غلامايَ) رفعاً وغلاميَ نصباً وجراً، وجمع المذكر السالم كـ (زيديَ) رفعاً ونصباً وجراً، وندَرَ إسكانها أي الياء في قراءة نافع وَمَحْيَايْ، وكسرها بعدَها في قراءة الأعمش والحسن (هِيَ عَصَايِ) يعني بكسرِ الياء، وهو مُطرد في لغة بني يربوع في الياء المضاف إليها جمع المذكر السالم، وعليه قراءة حمزة (بِمُصْرِخِيِّ إِنِّي)، الأصل فيها (بمصرخيَّ) لأنه جمعُ مذكر سالم أُضيف إلى ياء المتكلم، فالقاعدة ما هي؟ وجوبُ فتحِ الياء، لكن هنا كُسرت (بِمُصْرِخِيِّ إِنِّي).
فالياء مُدغَم فيها الفصيحُ الشائع فيها الفتحُ، وكسرُها لغة قليلة حكاها أبو عمرو بن العلاء والفراء وقطرب، وبها قرأ حمزة في الآية السابقة.
وكَسَرَ ياء (عصايِ)، الحسن، وأبو عمرو في شاذه وهو أضعف من الكسر مع التشديد.
وهذا معنى قوله: فَذِي جَمِيعُهَا اليَا بَعْدُ فَتْحُهَا احْتُذِي.
وأشارَ بقوله: وَتُدْغَمُ إلى أن الواو في جمع المذكر السالم والياء في المنقوص وجمع المذكر السالم والمثنى تُدغَم في ياء المتكلم، وأشارَ بقوله: وَإِنْ مَا قَبْلَ وَاوٍ ضُمَّ إلى أن ما قبلَ واو الجمع إن انضمَّ، ليسَ دائماً مضموماً يعني لفظاً، وإلا الأصلُ يكونُ مُقدراً. عندَ وجودِ الواو يجب كسرُهُ عندَ قلبها ياء لتسلم الياء، فإن لم ينضمّ بل انفتح بقيَ على فتحه نحو: مصطفون فتقول: مصطفيَّ، جاء مصطفيَّ.
في المضاف إلى ياء المتكلم حيث الإعراب والبناء أربعة مذاهب، (غلامي):
المذهب الأول: أنه مُعرَب بحركات مُقدّرة في الأحوال الثلاثة رفعاً ونصباً وخفضاً، وهو مذهب الجمهور، وهذا هو الصحيح، أنه مُعرب في حالة الرفع بضمة مُقدّرة منعَ من ظهوره اشتغالَ المحل بحركة المناسبة، وكذلك في حالة النصب كالرفع، وكذلك في حال الخفض على الصحيح.
المذهب الثاني: أنه مُعرب في الرفع والنصب بحركة مُقدّرة، وفي الجر بكسرة ظاهرة، واختارَه ابنُ مالك في التسهيل، يعني فصَّل قال: (جاء غلامي، ورأيت غلامي) الحركتان مُقدرتان، وأما مررتُ بغلامي فالحركة ظاهرة، الباء حرفُ جرّ، وغلام مجرور بالباء وجرُّه كسرة ظاهرة، لأنا لا نحتاجُ إلى التقدير؛ وُجِدت الكسرة فهي أولى، الصواب لا، أن الكسرة هذه سابقة على دخول العامل.
المذهب الثالث: مبني وإليه ذهب الجرجاني، لماذا مبني؟ لأنه لازم حالة واحدة، وهذا شأنُ المبني تقول: (جاءت حذامي، ورأيت حذامي، ومررت بحذامي)، (جاء غلامي، ورأيت غلامي، ومررت بغلامي) إذن هذا مبني، وهذا ضعيف.
والمذهب الرابع: لا معرب ولا مبني، وإليه ذهب ابن جني، ذهبَ إلى أنه لا معرب ولا مبني، لماذا لا معرب؟ لأنه لو كان معرباً لظهرت الضمة في قوله: جاء غلامي، ولظهرت الفتحة في قوله: رأيتُ غلامي، ولا مبني لأنه لا يوجد فيه سببُ البناء كالشبه الوضعي، والمعنوي، والافتقاري .. إلى آخره.
فلما انتفى سببُ البناء ولم يوجد أثر الإعراب قال: لا معرب ولا مبني، حينئذٍ يكون واسطة بين المعرب والمبني.