أَوْ كَانَ المضاف جُزْءَ مَالَهُ أُضِيفَا ما أُضيف له، جُزْءَ مَالَهُ أُضِيفَا الألف هذه للإطلاق، يعني: الجزء الذي أُضيف له مثل قوله تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا) فـ إِخْوَانًا: هذا حال من الضمير المضاف إليه (فِي صُدُورِهِم)، وصُدُورِ: هذا مضاف، وهو جزءٌ من المضاف إليه، جزءٌ حقيقي.
أَوْ مِثْلَ جُزْئِهِ ليس جزءاً حقيقياً، وإنما مُنزّل منزَّلة الجزء، "ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا" مِلَّةَ: مضاف، وإِبْرَاهِيمَ: مضاف إليه، حَنِيفًا: حال من إبراهيم، ما العلاقة بين مِلّة وإبراهيم؟ كذلك جزئية؛ لأنّ الدين جزءٌ من الشخص نفسه، وإن لم يكن جُزءاً حقيقياً، فنزّل منزَّلة الجزء، ولذلك ضابطُه أنه يصحّ الاستغناء عنه، فلو قيلَ في غير القرآن: ثم أوحينا إليك أن اتبع إبراهيم حنيفاً صحّ، إذن نقول: مثلُ الجزء ضابطُه أن يصح الاستغناء عن المضاف ثم يسلكُ التركيب مع المضاف إليه، هذه ثلاث صور استثناها الناظم من الأصل، وهو القاعدة المطردة عدمُ جواز مجيء الحال من المضاف إليه إلا إذا كان المضاف يعملُ، أُجري مجرى الفعل كاسم الفاعل واسم المفعول والمصدر. أو كان المضاف جزءاً حقيقياً من المضاف إليه، أو كان المضاف مثلَ الجزء وهو ما صحّ الاستغناء عنه به.
قال أبو حيان في الصورتين الثانية والثالثة: الأولى مُتفق عليها بين النحاة، وأما الصورة الثانية وهي أَوْ كَانَ جُزْءَ مَالَهُ أُضِيفَا ... أَوْ مِثْلَ جُزْئِهِ قال: لم يسبق المصنف إلى ذكرهما أحدٌ، يعني: هذا الاستثناء باطل من أصله عند أبي حيان، فتبقى الصورة الأولى هي المتفق عليها، والثانية والثالثة هذه محلّ نظر؛ إذ لم يستثنهما أحدٌ قبل المصنف.
قال السيوطي: قد نقلَهما المصنف في فتاواه عن الأخفش، وقد تَبعه عليها جماعة.
المراد من هذا أن الصورة الثانية والثالثة محلّ نزاع بين النحاة؛ حتى أنكرَ أبو حيان أن يكون أحدٌ قال بهما قبلَ المصنف، وإلا الأصل يبقى على المنع.