ولكون ابن بطوطة صوفيا مبالغا في طقوسها لم ينكر ذلك، وقال: وأهل مكة يحتفلون بعمرة رجب، الاحتفال الذي لا يعهد مثله، وهي متصلة ليلا ونهارا، وأوقات الشهر كله معمورة بالعبادة، وخصوصا أول يوم منه، ويوم خمسة عشر، والسابع والعشرين، فإنهم يستعدون لها قبل ذلك بأيام، وشاهدتهم في ليلة السابع والعشرين منه وشوارع مكة قد غصت بالهوادج، عليها كساء الحرير والكتان الرفيع، وكل واحد يفعل بقدر استطاعته، والجمال مزينة مقلدة بقلائد الحرير، وأستار الهوادج ضافية تكاد تمس الأرض، فهي كالقباب المضروبة، ويخرجون إلى ميقات التنعيم، فتسيل أباطح مكة بتلك الهوادج، والنيران مشعلة بجنبتي الطريق، والشمع والمشاعل أمام الهوادج، والجبال تجيب بصداها إهلال المهلين، فترق النفوس، وتنهمر الدموع، فإذا قضوا العمرة ... وهم يسمون هذه العمرة بالعمرة الأَكَمِيّة؛ لأنهم يحرمون بها من أكمة مسجد عائشة رضي الله عنها. قلت: أشهد أنها بدعة لم ينزل بجوازها كتاب، ولم ترد بها سنة حسب علمي، ويكفي لبطلانها هذا الوصف والغلو في المسير إليها. (٢) رحلة ابن بطوطة ١/ ٤٠١.