للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتَ حَقٌّ هُوَ الْمُتَحَقِّقُ الْوُجُودِ الثَّابِتُ بِلَا شَكَّ فِيهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْوَصْفُ لَهُ سُبْحَانَهُ بِالْحَقِيقَةِ خَاصٌّ بِهِ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ إِذْ وُجُودُهُ لِذَاتِهِ فَلَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ وَلَا يَلْحَقُهُ عَدَمٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَوَعْدُكَ حَقٌّ أَيْ ثَابِتٌ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ أَيْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَعْظِيمًا لَهُ لَكَ أَسْلَمْتُ أَيْ انْقَدْتُ وَخَضَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ أَيْ صَدَّقْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ أَيْ بِمَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْبُرْهَانِ وَبِمَا لَقَّنْتَنِي مِنَ الْحُجَّةِ وَإليْكَ حَاكَمْتُ أَيْ كُلُّ مَنْ جَحَدَ الْحَقَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ أَيْ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ وَمَا أَخَّرْتُ عَنْهُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَيْ أَخْفَيْتُ وَأَظْهَرْتُ أَوْ مَا حَدَّثْتُ بِهِ نَفْسِي وَمَا تَحَرَّكَ بِهِ لِسَانِي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ قَالَ الْمُهَلَّبُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ الْمُقَدِّمُ فِي الْبَعْثِ فِي الْآخِرَةِ وَالْمُؤَخِّرُ فِي الْبَعْثِ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَاهُ الْمُنْزِلُ لِلْأَشْيَاءِ مَنَازِلَهَا يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَجَعَلَ عِبَادَهُ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ إِذْ كُلُّ مُتَقَدِّمٍ عَلَى مُتَقَدِّمٍ فَهُوَ قَبْلَهُ وَكُلُّ مُؤَخَّرٍ عَلَى مُتَأَخِّرٍ فَهُوَ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ بِمَعْنَى الْهَادِي وَالْمُضِلِّ قَدَّمَ مَنْ شَاءَ لِطَاعَتِهِ لِكَرَامَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>