ذات يوم فدخلت فرأيتها. وقد ظفرت شعرها وجعلت في قرونها جداداً ونظمت عليه ودعاً وألبستها قلادة من جزع فقلت لها من هذه الصبية وقد أعجبني جمالها فبكت أمها، وقالت هذه ابنتك فأمسكت عنها حتى غفلت أمها، ثم أخرجتها يوماً فحفرت حفرة وجعلتها فيها، وهي تقول يا أبت ما تصنع أخبرني بحقك وجعلت أقلب عليها التراب وهي تقول يا أبت أنت مغط عليّ بهذا التراب أنت تاركي وحدي ومنصرف عني وجعلت أقرف عليها حتى وارتها وانقطع صوتها فتلك حسرتها في قلبي فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال إن هذه لقسوة ومن لا يَرحم لا يُرحم.
حكاية: قيل إن علياً رضي الله عنه خطب ذات يوم، فقال في خطبته عباد الله الموت الموت وليس منه فوت إن أقمتم أخذكم وإن فررتم عنه أدرككم الموت معقود بنواصيكم فالنجاة النجاة والوحا الوحا، ألا إن وراءكم طالباً حثيثاً، وهو القبر ألا وإن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار إلا أنه يتكلم في كل يوم ثلاث مرات فيقول أنا بيت الظلمة أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود إلا أن وراء ذلك اليوم يوم يشيب فيه الصغير ويسكر فيه الكبير - وتذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد - ألا وإن وراء ذلك اليوم نار حرها شديد وقعرها بعيد وجبلها حديد وماؤها صديد ليس لله فيه رحمة. قال فبكى المسلمون بكاء شديداً، فقال ألا وإن وراء ذلك اليوم - جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين - أجارنا الله وإياكم من العذاب الأليم.
حكاية: قيل قصد بعض الدباء باب معن بن زائدة فوعده وماطله فنفدت نفقته وضاق لذلك صدره وعزم على الانصراف عن بابه فكتب إليه أبياتاً يقول فيها: