وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}[النور: ٣٦].
قال العلماء: وإذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أن يتأذى به ففي القياس أن كل ما يتأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان سفهاً عليهم وكان ذا رائحة [كريهة] قبيحة لسوء صناعته أو عاتة مؤذية كالجزام وشبه وكل ما يتأذى به الناس كان لهم إخراجه، ما كانت العلة موجودة فيه حتى تزول وكذلك يجتنب مجتمع الناس حيث كانت الصلاة وغيرها، كمجالس العلم والولائم وما أشبهها من أكل الثوم، وما في معناه مما له رائحة كريهة.
قال ابن عبد البر: وقد شاهدت شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هشام – رحمه الله – أفتى في رجل شكاه جيرانه واتفقوا عليه أنه يؤذيهم في المسجد بلسانه ويده فأفتى بإخراجه من المسجد وإبعاده عنه، وأن لا يشاهد معهم الصلاة. فذاكرته يوماً أمره وطالبته بالدليل فاستدل بحديث الثوم وقال: هو عندي أكثر أذى من أكل الثوم وصاحبه يمنع من شهود الجماعة في المسجد.
قلت: وفي الآثار المرسلة أن الرجل ليكذب الكذبة فيتباعد عنه الملك من نتن ريحه.
فعلى هذا يخرج من عرف منه الكذب والتقول بالباطل فإن ذلك يؤذي. انتهى.
ومنها: أن يسأل الناس تكثراً من غير حاجة:
وذلك حرام.
لما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يسأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر".