قد بقى عليه أن يستولي على كينو وأربينو. ولا شك في أن أربينو كانت بابوية في شرائعها، ولكنها كانت دولة نموذجية من جهة النظر السياسية في تلك الأيام؛ وبدا أن من العار أن يخلع عن عرشها شخصان محبوبان مثل جويدويلو وإلزبتا، ولعلهما في هذه الأيام الأخيرة كان يقبلان أن يكونا نائبين عن البابا بالاسم وبالفعل معاً. ولكن سيزاري كان يدعى أن تلك المدينة تسد أسهل طريق له إلى البحر الأدريادي، وأن في مقدورها إذا وقعت في أيد معادية له أن تقطع عليه سبل الاتصال مع سيزارو وريمني. ولسنا نعرف هل وافق الإسكندر على هذه الحجج؛ ويبدو أن ذلك بعيد احتمال، لأنه أقنع جويدويلدو في ذلك الوقت بأن يعير جيش البابوية مدافعه (٦٧). وأقرب من هذا إلى العقل أن سيزاري خدع أباه، أو بدل خططه. وسواء كان هذا أو ذات فإنه بدأ حملته الثالثة في الثاني عشر من يونيه عام ١٥٠٢ وبصحبته ليوناردو دافنشي كبيراً لمهندسيه؛ وكان متجهاً في الظاهر نحو كميرينو Camerino. لكنه بدل خطته على حين غفلة، فاتجه نحو الشمال، واقترب من أربينو بسرعة لم يجد معها حاكمها المريض متعساً من الوقت للعرب إلاّ بشق الأنفس. وترك هذا الحاكم المدينة تسقط في يدي سيزاري دون أن تدافع عن نفسها (٢١ يونيه). وإذا كان هذا الفتح قد تم بعلم الإسكندر وموافقته، فإنه يكون من أدنأ أنواع الغدر وأوجبها للاحتقار في التاريخ، وإن كان مكفيلي يبتهج بما ينطوي عليه من مكر ودهاء. وعامل المنتصر أهل المدينة برقة شبيهة برقة السنانير، ولكنه استحوذ على ما كان للدوق المغلوب من مجموعات فنية ثمينة وباعها ليؤدي بها رواتب جنده.
واستولى قائده فيتيلي Vitelii في هذه الأثناء على أردسو التي كانت تابعة لفلورنس من زمن طويل، ويبدو أنه فعل ذلك من تلقاء نفسه وعلى مسئوليته. وارتاع مجلس السيادة فأرسل أسقف فلتيرا، ومعه مكفيلي، ليستغيث بسيزاري في أربينو. واستقبلهم القائد بلطف كان له