للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تنقلنا نقلاً سريعاً من منظر إلى منظر. وهم يغفرون لكاتبها الاستطرادات والأوصاف الطويلة، والابتسامات التي لا يحصى عددها والمتكلفة في بعض الأحيان، يغفرون له هذه كلها لأنه يكسوها شعراً ساطعاً متلألئاً، وهم يجدون فيها جزاء طيباً من هذا الغفران، ويصيحون في صمت "مرخى! " حين يخرج عليهم الشاعر ببيت يثير عجبهم كالذي يقول فيه عن دسربينو Zerbino: " لقد صاغته الطبيعة ثم حطمت القالب الذي صاغته فيه". ولا يطول انزعاجهم من تملق أريستو آل إستنسي طمعاً في رفدهم، ولا من مديحه إبوليتو، وإشادته بعفة لكريدسيا، فقد كان هذا الخضوع من سمات تلك الأيام، فأنت ترى مكيفلي لا يستنكف أن يخر راكعاً لينال إعانة مالية، والشاعر له أن يعيش.

لكن هذه المعيشة أصبحت شاقة حين قرر الكردينال أن يخرج للحرب في بلاد المجر، وطلب إلى أريستو أن يرافقه، فلما رفض أريستو أعفاه إبوليتو من خدمته وقطع عنه مكافأته (١٥١٧). ولكن ألفنسو أنقذ الشاعر من آلام الفاقة بأن خصص له معاشاً قدره أربعة وثمانون كروناً (١٠٥٠؟ دولاراً) فضلاً عن ثلاثة خدم وجوادين، ولم يكد يطلب إليه في نظير ذلك شيئاً. وظل أريستو حتى بلغ السابعة والأربعين من عمره أعزب عنيداً في عزوبته، ولكنه لم يكن في خلالها متبتلا كل التبتل. ثم خرج ألسندرا بينوتشي Alessandra Benucci التي أحبها وهي لا تزال متزوجة من تيتو فسبازيانو استراتسي. ولم يرزق منها أبناء، ولكنه كان له ولدان غير شرعيين رزق بهما قبل زواجه.

وظل ثلاث سنين (١٥٢٢ - ١٥٢٥) حاكماً لجارفنيانا Garfagnana وهي أقليم جبلي موبوء بقطاع الطرق واللصوص، ولم يكن طوال هذه السنين سعيداً في عمله. فقد كان غير لائق للعمل ولا للقيادة، وسره أن يعتزل عمله

ليقضي الثمان السنين الأخيرة من حياته في فيرارا. ثم ابتاع في