للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التأويل، لم يذهب إلى ذلك غيره، وليس هو في المعنى بالقوي، ألا ترى أنّهنّ لو بلغن ما بلغن ولم يكن معهنّ رجل لم تجز شهادتهنّ حتى يكون معهنّ رجل «١». فإذا كان الأمر على هذا لم يذكّرها «٢». والحاجة في إنفاذ «٣» الشهادة إلى الرجل قائمة.

ومما يبعّد قوله: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما، والضلال قد فسّره أبو عبيدة: بالنسيان «٤»، فالذي ينبغي أن يعادله ما هو مقابل للنسيان من التذكير.

فأمّا من ذهب في قوله: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما وقوله: إنّ الجزاء فيه مقدّم، أصله التأخير، فلمّا تقدّم اتّصل بأوّل الكلام، ففتحت أن؛ فإنّ هذه دعوى لا دلالة عليها، والقياس على ما عليه كلامهم يفسدها، ألا ترى أنّا نجد الحرف العامل


ابن سلّام أنّه قال: حدثنا عن سفيان بن عيينة أنّه قال: ليس تأويل قوله:
«فتذكر إحداهما» من الذّكر بعد النسيان، إنّما هو من الذّكر، بمعنى أنها إذا شهدت مع الأخرى صارت شهادتهما كشهادة الذكر.
(١) هذا ما ذهب إليه الأحناف وغيرهم «انظر فتح القدير لابن الهمام ٦/ ٩١ في كتاب الرجوع عن الشهادة» وهذا ما عدا الحدود فإن شهادة المرأة في الحدود لا تثبت، وقال الشافعي رحمه الله: لا تقبل شهادة النساء مع الرجال إلا في الأموال وتوابعها: انظر شرح فتح القدير ٦/ ٦ و ٦٢ وتقبل شهادتها فيما يتعلق بأمور النساء مما لا يطلع عليه الرجال، ولو كانت واحدة والثنتان أحوط وبه قال الإمام أحمد، وشرط الشافعي أربعا ومالك ثنتين. انظر شرح فتح القدير ٦/ ٨، ٩.
(٢) في (ط): تذكّرها وكلاهما بمعنى.
(٣) في (م): نفاذ.
(٤) في مجاز القرآن ١/ ٨٣ سبق في ص ٤٢٤.