للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمّا ما حكاه قطرب: من أنّهم يقولون قدّس عليه الأنبياء. أي: برّكوا عليه «١» فليس يخلو هذا المقدّس عليه من أن يكون موضع منسك، أو يكون إنسانا. فإن كان موضع نسك، فهو كدعاء إبراهيم عليه السلام للحرم رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً [إبراهيم/ ٣٥]، فكذلك يجوز أن يكون تبريك الأنبياء دعاء منهم له بالتّطهير. وإن كان إنسيّا فهو كقوله:

وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا [مريم/ ٦] وكما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من دعائه للحسن والحسين «٢»، وهذا يؤول إلى ذلك المعنى، وكذلك من قال: المقدّس: المعظّم، إنما هو تفسير على المعنى، وكثيرا ما يفعل المفسّرون من غير أهل اللغة، ذلك لمّا رأوا ذلك لا يفعلون إلا بشيء يراد تعظيمه وتبرئته من غير الطّهارة. فسّروه بالمعظّم على هذا المعنى. والأصل: كأنّه التطهير الذي فسّره أبو عبيدة.

قال أحمد «٣»: وكلّهم قرأ (غلف) مخففة [البقرة/ ٨٨].

وروى أحمد بن موسى اللؤلؤيّ «٤»، عن أبي عمرو أنه


(١) كذا في (ط) وسقطت من (م).
(٢)
ورد في دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم للحسن والحسين في حديث أم سلمة الذي أخرجه أحمد في المسند ٦/ ٢٩٢ قوله صلّى الله عليه وسلّم عند ما أنزل الله عزّ وجلّ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ... الآية: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا». وانظر تهذيب الكمال ١/ ٢٦٩.
(٣) في (ط): أحمد بن موسى.
(٤) أحمد بن موسى بن أبي مريم أبو عبد الله، وقيل: أبو بكر، ويقال: أبو