للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا) (١) فَالْأصُولِيُّ الْوَاقِفُ مَعَ الظَّوَاهِرِ وَالْآثَارِ عِنْدَ خُصُومِهِ يَجْعَلُونَهُ مُجَسِّمًا (٢) وَحَشْوِيًّا (٣) وَمُبْتَدِعًا، وَالَّذِي طَرَدَ التَّأْوِيلَ عِنْدَ الْآخَرِينَ جَهْمِيًّا وَمُعْتَزَلِيًّا وَضَالًّا، وَالَّذِي أَثْبَتَ بَعْضَ الصِّفَاتِ وَنَفَى بَعْضَهَا وَتَأَوَّلَ فِي أَمَاكِنَ يَقُولُونَ: مُتَنَاقِضًا. وَالسَّلَامَةُ وَالْعَافِيَةُ أَوْلَى بِكَ.

فَإِنْ بَرَعْتَ فِي الْأُصُولِ وَتَوَابِعِهَا مِنَ الْمَنْطِقِ وَالْحِكْمَةِ الْفَلْسَفِيَّةِ وَآرَاءِ الْأَوَائِلِ وَمَجَازَاتِ الْعُقُولِ، وَاعْتَصَمْتَ مَعَ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَصُولِ السَّلَفِ، وَلَفَّقْتَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ، فَمَا أَظُنُّكَ [فِي ذَلِكَ] (٤) تَبْلُغُ رُتْبَةَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَلَا وَاللهِ تُقَارِبُهَا، وَقَدْ رَأَيْتَ (٥) مَا آلَ أَمْرُهُ إِلَيْهِ مِنْ الحَطِّ عَلَيْهِ وَالهَجْرِ وَالتَّضْلِيلِ وَالتَّكْفِيرِ وَالتَّكْذِيبِ بِحَقٍّ وَبِبَاطِلٍ فَقَدْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ [فَي] (٦) هَذِهِ الصِّنَاعَةِ مُنَوَّرًا مُضِيئًا، عَلَى مُحَيَّاهُ سِيمَا السَّلَفِ، ثُمَّ صَارَ مُظْلِمًا مَكْسُوفًا (٧) عَلَيْهِ قُتْمَةٌ عِنْدَ خَلَائِقَ مِنَ النَّاسِ، وَدَجَّالًا أَفَّاكًا كَافِرًا عِنْدَ أَعْدَائِهِ وَمُبْتَدِعًا، فَاضِلًا مُحَقِّقًا بَارِعًا عِنْدَ طَوَائِفَ


(١) في أ: هذا وهذا، والمثبت من باقي النسخ.
(٢) التجسيم: هو لفظ استعمله نفاة الصفات الذين قالوا بأن إثبات الصفات الذاتية مستلزمة للتجسيم والتحيز، وقد أطلقوا على أهل السنة والجماعة "المُجسِّمة"؛ لأنهم أثبتوا لله ما أثبته لنفسه. انظر: عامر فالح، معجم ألفاظ العقيدة، ص ٨٠ - ٨١.
(٣) الحَشْوية: هو لفظ أطلقه المعطلة على أهل السُّنة والجماعة، ويعنون بذلك أنهم من حَشو الناس وسقطهم؛ لأنهم -بزعمهم- لم يتعمق أهل السنّة في التأويل، ولا ذهبوا مذاهبهم في الإنكار والتعطيل. انظر: محمد خليل هرّاس، شرح نونية ابن القيم، ١/ ٣٦٤ - ٣٦٥. وانظر: ابن تيمية، منهاج السنة، ٢/ ٥٢٠.
(٤) ساقط من أ، والمثبت من باقي النسخ.
(٥) في ب: مَرَّ.
(٦) ساقط من أ، والمثبت من باقي النسخ.
(٧) في جميع النسخ: مكشوفًا، وهو تصحيف، والتصويب من: زغل العلم.

<<  <   >  >>