وقد سأله سبحانه، وهو بكل شيء عليم؛ لأنه أراد لفته إلى العصا حتى يتبينها، ويعرف أنها ليست إلا عصا يتوكأ عليها، ويهش بها على غنمه، فهي يابسة جامدة حالها كحال كل العصى، فإذا تلقى الأمر بإلقائها، وألقاها ورآها حية تسعى، كان ذلك أبين في بطلان قانونها، وإحالتها عن وصفها بخلق الحياة والحركة فيها، وهذه هي آية الألوهية ومعجزة النبوة، وينبغي أن نذكر بقولهم "البلاغة والإيجاز"، وبما في طبيعة هذه اللغة من ميل إلى التركيز في الصياغة، والتعبير لتؤكد مرة ثانية أنه إذا لم يكن هناك داع قوي يدعو إلى الذكر، فإنه يكون خطرا على الأسلوب، وبلاغته سواء في ذلك الشعر وغيره، فهو مسلك دقيق يوشك أن يكون غير سبيل البلاغة، ولهذا لم يسلم من عثراته إلا حصيف مهدي بفطرة قوية، وحس يقظ.