تجد أحدهم يُنَاضل عن مقلده، ويتحيّل لدفع ظواهر الكتاب والسنة ويتأولها، وقد رأيناهم يجتمعون في المجالس، فإذا ذكر لأحدهم خلاف ما وطَّن عليه نفسه، تعجب منه غاية التعجب، لما أَلِفَهُ من تأليف إمامه، حتى ظن أن الحق منحصر في مذهب إمامه".
والإمام ابن حزم الظاهري معروف بتعظيمه للحق والآثار، وإن كان مذهبه في الظاهري مردود من قِبَلِ الفقهاء، لكن ظاهريته لا تعنى خَطَأه في كل شيء إلا أن الطالب المنصف يقدر على الانتقاء من علمه، وإنصافه في إصابته وعدم الزهادة في علومه.
أما عن منهجه في التعقب وقلمه الذي يكتب به: فلا يعتقد طالب العلم العصمة لأحد في كل ما يكتب أو ينطق، وتعلمنا في أدب العلم أن نأخذ الحق عن أي لسان جاء، ونتجنب ما لا يليق بالأدب مع من كان.
وليست التعقبات الفقهية مقتصرة على مذهب دون آخر، فلكل مذهب نصيب من ذلك، فليس المراد الحط على مذهب بعينه، فما يجيء من هذا فالأصل فيه هو التصويب ليس إلا.
وكتاب الإعراب لابن حزم قطعة نادرة نفيسة بقيت مركونة قابعة في دياجير الدهاليز. لكنها وجدت عناية العلماء، وقد خص بهذه العناية أحد علماء الأثر والسنة في هذا العصر وهو الشيخ الفاضل البحاثة محمد بوخبزة أمتع الله بطول بقائه، فكان له الفضل في الدلالة والتوجيه.