للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمستورين من كل ملة، واشتهر أمره وشاع ذكره، وأنفق في ثلاث سنين أموالًا عظيمة، فأحضره السلطان، وتلطف به، فأبى عليه أن يعرفه بجلية أمره، وأخذ يراوغه ويغالطه، فلما أعياه حنق عليه، وبسط عليه العذاب فمات. قال الذهبي: وقد أفتى غير واحد بقتله خوفًا على ضعفاء الإيمان من المسلمين أن يضلهم ويغويهم (١) .

وفي سنة سبع وستين، رسم السلطان بإراقة الخمور، وإبطال المفسدات والخواطئ من الديار المصرية والشامية، وحبست الخواطئ حتى يتزوجن، وكتب إلى جميع البلاد بذلك، وأسقطت الضرائب التي كانت مرتبة عليها (٢) .

وفي هذه السنة حج السلطان فأحسن إلى أهل الحرمين، وغسل الكعبة بماء الورد بيده. وفي أواخر ذي الحجة من هذه السنة هبت ريح شديدة بديار مصر، غرقت مائتي مركب في النيل، وهلك فيها خلق كثير، ووقع مطر شديد جدًّا، وأصابت الثمار صعقة أهلكتها، حكاه ابن كثير (٣) .

وفي سنة تسع وستين شدد السلطان في أمر الخمور، وهدد من يعصرها بالقتل، وأسقط الضمان في ذلك، وكان ألف دينار كل يوم بالقاهرة وحدها، وكتب بذلك توقيع قرئ على منبر مصر والقاهرة، وسارت البرد بذلك إلى الآفاق.

وفي سنة سبعين، قال قطب الدين: في جمادى الآخرة ولدت زرافة بقلعة الجبل، وأرضعت من بقرة، قال: وهذا شيء لم يعهد مثله.

وفي سادس (٤) عشر شوال سنة خمس وسبعين، قال ابن كثير: طيف بالمحمل، وبكسوة الكعبة المشرفة بالقاهرة، وكان يوما مشهودا (٥) .

قلت: كان هذا مبدأ ذلك، واستمر ذلك كل عام إلى الآن.

وفي سنة تسع وسبعين، في يوم عرفة وقع ببلاد مصر برد كبار، أتلف كثيرا من


(١) العبر: ٢٨٥.
(٢) ابن كثير ١٣: ٢٥٤.
(٣) ابن كثير ١٣: ٢٥٥.
(٤) ابن كثير: "في حادي عشرة".
(٥) ابن كثير ١٣: ٢٧١.