للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الذهبي في العبر: في سنة ست عشرة وستمائة، حاصر الفرنج أهل دمياط، ووقعت حروب كثيرة يطول شرحها، وجدت الفرنج في المحاصرة، وعملوا عليهم خندقًا كبيرا، وثبت أهل البلد ثباتا لم يسمع بمثله، وكثر فيهم القتل والجرح والموت، وعدمت الأقوات، ثم سلموها بالأمان في شعبان، وطار عقل الفرنج، وتسارعوا إليها من كل فج، وشرعوا في تحصينها، وأصبحت دار هجرتهم، ورجوا بها أخذ ديار مصر، وأشرف الإسلام على خطة خسف، وأقبل التتار من المشرق والفرنج من المغرب، وعزم المصريون على الجلاء؛ فثبتهم الكامل إلى أن سار إليه أخوه الأشرف والمعظم، وحصل الفتح ولله الحمد (١) .

وفي سنة ثمان وعشرين وستمائة، كان غلاء شديد بديار مصر، قاله ابن كثير (٢) . وبلغ النيل ستة عشر ذراعًا وثلاثة أصابع فقط، بعد توقف عظيم، ووصل القمح خمسة دنانير الإردب، فرسم السلطان بفتح الأهراء وشون الأمراء، وأن يباع بثمانين درهما الإردب من غير زيادة، فانحط السعر إليه. ذكره ابن المتوج.

وفي سنة تسع وعشرين، وصل النيل ثمانية عشر ذراعا وستة أصابع، وتأخر نزوله حتى خاف الناس من عدم نزوله، فغلا السعر، ثم نزل، فانحط السعر.

وفي سنة إحدى وثلاثين، قدم إلى الملك الكامل هدية من الإفرنج، فيها دب ابيض وشعره مثل شعر السبع، ينزل البحر فيصعد بالسمك فيأكله.

وفي سنة اثنتين وثلاثين كان الوباء العظيم بمصر.

وفي سنة ثلاث وأربعين كان الغلاء بمصر، وقاسى أهلها شدائد.

وفي سنة سبع وأربعين نزلت الفرنج دمياط برًّا وبحرا، وملكوها، ثم استنقذت منهم.


(١) العبر: ٥٩، ٦٠.
(٢) البداية والنهاية ١٣: ١٢٨.