وفي سنة ست وثمانين وسنتين بعدها انفرد المصريون بالحج.
وفي سنة إحدى وتسعين حدثت بمصر ظلمة عظيمة، غشيت أبصار الناس، حتى لم يبق أحد يعرف أين يتوجه!
وفي سنة سبع وتسعين عز القمح بمصر، ثم هان. وفيها تولى الآمر بمصر فضرب الفضة السوداء المشهورة بالآمرية.
وفي سنة خمس عشرة وخمسمائة هبت ريح سوداء بمصر، فاستمرت ثلاثة أيام، فأهلكت خلقًا كثيرًا من الناس، والدواب والأنعام. قاله ابن كثير (١) .
وفي سنة سبع عشرة بلغ النيل ستة عشر ذراعًا سواء بعد توقف.
وفي سنة ثمان عشرة أوفى النيل بعد النيروز بتسعة أيام، وزاد عن الستة عشر ذراعا أحد عشر إصبعا لا غير، وعز السعر ثم هان. وفي حدود هذه السنين احترق جامع عمرو.
وفي سنة خمس وستين حاصرت الفرنج دمياط خمسين يوما، بحيث ضيقوا أهلها، وقتلوا منهم، فأرسل نور الدين محمود الشهيد إليهم جيشًا عليهم صلاح الدين يوسف بن أيوب، فأجلوهم عنها، وكان الملك نور الدين شديد الاهتمام بذلك؛ حتى إنه قرأ عليه بعض طلبة الحديث جزءًا فيه حديث مسلسل بالتبسم، فطلب منه أن يبتسم ليتصل التسلسل، فامتنع من ذلك، وقال: إني لأستحيي من الله أن يراني متبسمًا، والمسلمون تحاصرهم الفرنج بثغر دمياط. وذكر أبو شامة أن بعضهم رأى في تلك الليلة التي أجلي فيها الفرنج عن دمياط رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقول له: سلم على نور الدين، وبشره بأن الفرنج قد رحلوا عن دمياط، فقال له الرائي: يا رسول الله، بأي علامة؟