للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُم تَخلُّف الحكم عن الوصف إما في وصف ثبتت عِليته بنص قطعي أو ظني أو باستنباط. والتخلُّف إما لمانع أو فَقْد شرط أو غيرهما. فهي تسعة؛ مِن ضرب ثلاثة في ثلاثة.

فأَرجَح المذاهب فيه أنه قادح في الأحوال التسع. وهذا مذهب الشافعي وجميع أصحابه إلا القليل منهم كما قاله ابن السمعاني في "القواطع"، (قال: وهو قول كثير من المتكلمين. وقالوا: تخصيصها نَقْضٌ لها، ونقضُها يتضمن إبطالها) (١).

وعلى هذا فالفَرق بين هذا وبين جواز تخصيص العموم ويبقى في الباقي حُجة على المرجَّح كما سبق - أنَّ العام يجوز إطلاقه على بعض ما تَناوَله، فإذا خُصَّ فلا محذور فيه. وأما العِلة فهي المقتضية للحُكم، فلا يتخفَف مقتضاها عنها، فَشُرِط فيها الاطِّراد.

نعم، في "شفاء الغليل" للغزالي أنه لا يُعْلم للشافعي في ذلك نَص. وكأنه يريد صريحًا أو فيما اطَّلع عليه، وإلا فمناظرات الشافعي مع خصومه طافحة بذلك. وقد حفظ غيرُه عن الشافعي ذلك، بل جعلوا ذلك مِن مُرجِّحات مذهب الشافعي على غيره من المذاهب، وهو أنَّ عِلل مَذهبه لا يقع فيها نَقْض، بل هي سالمة منه.

وأطال السبكي في "شرح المختصر" في نَصْر هذا القول وأطاب واستطرد إلى ما في مذهبنا مِن القواعد التي تستثنى منها، فذكرها وأحال بسطها على كتابه في القواعد، فليراجَع ما أشار إليه في ذلك منهما.

والمذهب الثاني: أنَّ النقض لا يَقدح مطلقًا. وهو المنقول عن أكثر أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد، وشهرته عن الحنفية أكثر غير أنهم ما سمحوا بتسميته "نقضًا" وسموه "تخصيص العِلة".

لكن ابن السمعاني قال: (إن هذا قول العراقيين منهم، وقال أبو زيد: إنه مذهب أبي


(١) قوطع الأدلة (٢/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>