للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومثال المظنون: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أعتق شركًا له في عَبْد قُوم عليه" (١). فالأَمة كذلك بلا فارِق. وإنما لم يُجعل ذلك مِن المقطوع كالذي قَبله خلافًا لمن تَخيل ذلك؛ لأنَّ الاحتمال فيه قائم، كأنْ يلاحِظ الشرع في عِتق العبد أنْ يستقل بنفسه في الجهاد والجمعة وغيرهما مما لا مدْخَل فيه للمرأة. لكن الظن القوي فيه أنْ لا فَرْق؛ لأنَّ المقصود التخلص مِن موت الرق بحياة الحرية.

والفرق بين هذا وبين "تنقيح المناط" أنَّ هذا لم يعتضد بظاهر في التعليل بمجموع أوصاف، و"تنقيح المناط" فيه ذلك.

نعم، قد يكون السبر الدال على نَفْي الفارق قاطعًا، والفارق المحقَّق طَرْدًا مَحْضًا؛ فَيَبْلُغ نَفْي الفارق رُتبة المؤثِّر بدليل قاطع، ويترقى عن المؤثِّر بدليل ظاهر كما سبق.

واعلم أنه قد سبق في "تنقيح المناط" بحث يتعلق بما ذُكر هنا، فلا حاجة إلى إعادته.

وقولي: (وَذَا و"طَرْدٌ") إلى آخِره - أي: إنَّ هذه الطُّرق الثلاث من مسالك العلة (التي هي: طريق الإلغاء، وطريق الطرد، وطريق الدوران) حيث قيل: (إنها تفيد العِلية) فإنما تفيد شبهًا للعلة، لا [عِلَّة حقيقية] (٢)؛ لِكَونها إنما غَلَّبْت ظن العِلية في الجملة، وليس فيها تعيين حِكمة لذلك كالوصف ولا جهة المصلحة فيه، بخلاف بقية المسالك. والله أعلم.


(١) سبق تخريجه.
(٢) كذا في (ص، ش)، لكن في (س، ت): عِلية حقيقة. وفي (ض): علية حقيقة. وفي (ق): علة حقيقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>