وقولي:(أَمَّا الْحَاجِي) بيان للقسم الثاني وهو الذي لا يكون في محل الضرورة بل في محل الحاجة. ويقال له أيضًا:"المصلحي" كما عبر بذلك البيضاوي، كالبيع والإجارة؛ لأنَّ مالك الشيء قد يُضَر بإعارته؛ ولذلك قال إمام الحرمين:(إنَّ مَن زعم أنَّ الإجارة خارجة عن مقتضَى القياس فليس على بصيرة؛ لأنَّ الحاجة أصل).
وكالمساقاة والقراض؛ لأنه ليس كل أحد يَعرف عمل الأشجار ولا التجارة، أو لاشتغال الملاك بأهم من ذلك.
ومن ذلك أيضًا: نَصْبُ الولي [للصغير](١)، فإنَّ مصالح النكاح غير ضرورية ولكن واقعة في محل الحاجة، فإنها داعية إلى الكُفْء الموافق، وهو لا يوجد في كل وقت، فكل هذه لا يَلْزَم مِن فواتها فوات الشيء من الضروريات الخمس.
وادَّعَى إمام الحرمين أن البيع ضروري، ولعله أراد ما كَثُرت شدة الحاجة إليه بحيث صار كالضروري؛ لأنَّ الناس لو لم يتبادلوا ما بأيديهم لَجَرَّ ذلك ضرورة.
وقولي:(في سِوَى الْمُحْتَاجِ) إلى آخِره أي: إنما يكون البيع حاجيًّا في غير هذه الصورة، فإنها من الضروريات، كالإجارة على تربية الطفل وشراء المطعوم والملبوس له حيث كان في معرض التلف من الجوع والبرد.
وحاصله أن الحاجي يتفاوت، حتى أن بعضه ينتهي إلى رتبة الضروري؛ لشدة الاحتياج، وهو نادر كما في هذه الصورة. وإنما لم يكن هذا من الضروري نفسه لإمكان حصول المقصود بوضع اليد قهرًا عند خوف الهلاك وغرم قيمته، كواجد طعام الغير في المخمصة.
وقولي:(وِلهَذَا مُكْمِلُ) أي: للحاجي مُكمل مُلْحَق به في تعليله بالحاجة، كرعاية