لَمَّا فرغتُ مِن تعريف "العام" وبيان أن محله الحقيقي اللفظ باعتبار عموم معناه، وكان فائدة ذلك أنه إذا حُكم على العام بحكم نفيًا أو إثباتًا، يكون ذلك الحكم عامًّا على كل فرد فرد حتى يستغرق، نحو: كل رجل يشبعه رغيفان. فيكون مدلوله حين الحكم عليه كُلية؛ لأن المراد حينئذٍ أنه صار قضية كُلية، كما أن الحكم على البعض قضية جزئية، وذلك معنى "القضية المسورة" عند المناطقة، حيث يقسمون ما له سور كُل أو بعض إلى: موجبة كُلية وجزئية، وسالبة كُلية وجزئية.
فالمعنى في القضية أنه قُضي وحُكم فيها بشيء على شيء، فعيلة بمعنى: مفعولة، وإنْ تركت الصلة لكثرة الاستعمال.
وفي كونها كُلية أن الحكم على كل فرد مما دخل تحت الموضوع، نحو: كل إنسان حيوان.
والجزئية: الحكم على البعض، نحو: بعض الحيوان إنسان.
وفي السلب: لا شيء من الإنسان بحَجر، بعض الإنسان ليس بحَجر.
فقولي:(إذْ تَحْكُمُ) هو بالتاء المثناة من فوق أو بالنون مبنيًّا للفاعل؛ ليباين قولي أولًا:(أيْ يُحْكَمُ) فإنه بالمثناة تحت مضمومة مبني للمفعول.