للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهو معنى قولي: (عُمِلَا بِالْكُلِّ). وقد حكى القولين القاضي عبد الوهاب، وقال: إن التعدد هو الذي يجيء على أصول أصحابهم. بل قطع كثير هنا بالتعدد؛ لأن الشيء لا يعطف على نفسه. قاله الباجي وصاحب "الواضح"، وبه جزم ابن الصباغ في "العدة"، إلا أنه قال: إن ذلك حيث لم يكن في المعطوف ألِف ولام، فإنْ كان ففيه خلاف، فقيل بالاستئناف، لأن العطف يقتضي المغايرة، والألف واللام تقتضي الاتحاد (١)، فتساويَا، ووُقِف.

قيل: والأرجح التعدد؛ لأن كون العطف يقتضي التغايُر وإنْ كان مُعارَضًا بلام التعريف لكن يبقى كون "التأسيس هو الأصل" مُرجِّحًا سالِمًا مِن المعارضة.

نعم، اعتُرض بأن هذا أيضًا يعارضه براءة الذمة، فيبقى العطف، ويعارضه أحد الأمرين، فيبقى سالمًا من المعارضة، وهو يقتضي التأكيد.

وعلى هذا فتدخل هذه الصورة في مفهوم قولي: (وَمَانِعُ التكرَارِ [ليس حَاصِلًا]) (٢) فإن مانع التكرار فيها حاصل، فاعْلَمه.

الخامس: ما إذا تماثلا وتعاقبا من غير عطف، نحو: "صَلِّ ركعتين، صَلِّ ركعتين". وقد ورد هذا في حديث عبد الله بن مغفل في "البخاري" بلفظ: "صَلِّ قبل المغرب، صَلِّ قبل المغرب"، ثم قال في الثالثة: "لمن شاء" (٣). ورواه ابن حبان بلفظ: "صَلِّ ركعتين، صَلِّ


(١) عبارة الزركشي في (البحر المحيط، ٢/ ١٢٥): (فَقِيلَ: يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. وَقِيلَ بِالْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايِرَةَ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ تَقْتَضِي الِاتِّحَادَ).
(٢) كذا في جميع النُّسخ. والذي في النَّظم: غَيْر حاصِل.
(٣) صحيح البخاري (١١٢٨، ٦٩٣٤) بلفظ: (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ المَغْرِبِ"، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "لِمَنْ شَاءَ").

<<  <  ج: ص:  >  >>