للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الأَبياري: إنهم إنما ذهبوا إليه لإنكارهم كلام النفس، والكلام عندهم ليس إلا العبارات، ولم يمكنهم أن يقولوا: الأمر بالشيء عَيْن النهي عن ضده؛ لاختلاف الألفاظ قطعًا، فقالوا: يقتضيه، لأن مُريد الشيء كارِهٌ لضده، فكأنه نهَى عنه.

وقال بالقول الثالث فيه (وهو أنه لا يدل عليه أصلًا) قدماء مشايخ المعتزلة وكثير من أصحابنا، وهو المختار، وجزم به النووي في "الروضة" في "كتاب الطلاق"؛ لأن القائل: "اسْكُن" قد يكون غافلًا عن ضد السكون وهو الحركة، فليس عَيْنه ولا يتضمنه.

وهو معنى قولي في النَّظم: (فَلَيْسَ عَيْنَ أَوْ ضَمِينَ اللَّفْظِ)، أي: لفظ النهي ليس عَيْن لفظ الأمر ولا يتضمنه، فحذف المضاف إليه من الأول، لدلالة الثاني عليه. واللام في "اللفظ" للعهد، أي: لفظ الأمر بالشيء المتكلم عليه.

واختار الآمدي (١) أن يقال: إن جوَّزنا تكليف ما لا يطاق فالأمر بالفعل ليس نهيًا عن ضده ولا يستلزمه، بل يجوز أن يأمر بالفعل وبضده في الحالة الواحدة. وإنْ مُنِع فالأمر بالشيء مستلزم للنهي عن ضده.

قال الهندي: (لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب) (٢).


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام (٢/ ١٩٢).
(٢) نهاية الوصول في دراية الأصول (٣/ ٩٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>