كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام

قلت: طّعْنُ الكوثري في هذا الحديث الصحيح المحكم الصريح المتفق على صحته المتلقى بالقبول - يكفي لسقوطه عن منزلة الديانة والأمانة إلى درك الخيانة. هل هذا هو تثبت الكوثري واحتياطه وأمانته وديانته؟.المثال الثاني عشر: ما أثبته الله تعالى لنفسه من "النفس" فقد نفوها، قالوا: إن ذكر "النفس" للمشاكلة (١).

قلت: لقد ورد صفة "النفس" في الكتاب والسنة في مواضع لا تحتمل المشاكلة:

منها قوله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ [آل عمران: ٢٨].

وقوله تعالى: كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام:١٢].

وقوله سبحانه: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام:٥٤]

وقوله تعالى: وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [طه:٤١].وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لما خلق الله الخلق كتب في كتابه، وهو كتب على نفسه، وهو وضع عنده على العرش: إن رحمتى تغلب غضبي)) (٢).وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) (٣).وقد انتبه إلى ذلك العلامة الملا علي القاري الحنفي (١٠١٤هـ) فرد على احتمال المشاكلة (٤) رحمه الله رحمة واسعة وإيانا آمين!

تنبيه مهم: على أن "النفس" صفة، أم عبارة عن "الذات"؟ عد كثير من سلف الأمة "النفس" من صفات الله تعالى، كالإمام أبي حنيفة، وإمام الأئمة ابن خزيمة رحمهما الله تعالى (٣١١هـ) وغيرهما من أئمة السنة (٥).وبالغ الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله (٢٨٠هـ) فاستنبط "الضمير" لله سبحانه من نصوص "النفس" (٦).

وصنيعه هذا لا يتمشى مع طريقة أئمة السنة - وهو منهم - لأن "الضمير" لم نجد أثباته في نصوص الشرع، وإن كان قصدهُ معنىً صحيحاً. وذكر بعض أئمة السنة كالإمام البخاري رحمه الله (٢٥٦هـ): "النفس" ونصوصها لإثبات إطلاقها على الله سبحانه وتعالى بدون التصريح بأنها من صفات الله تعالى (٧).

(١) انظر ((إرشاد العقل السليم)) (٣/ ١٠١)، وراجع ((عمدة القاري)) (٢٥/ ١٠٠).
(٢) رواه البخاري (٧٤٠٤) ومسلم (٢٧٥١) واللفظ للبخاري.
(٣) رواه مسلم (٤٨٦)
(٤) ((شرح الفقه الأكبر)) (ص ٥٨).
(٥) انظر ((الفقه الأكبر بشرح القاري)) (ص ٥٨)، و ((كتاب التوحيد)) (١/ ١١ - ١٢)، و ((أقاويل الثقات)) لمرعي الكرمي "١٠٣٣هـ" (ص ١٨٦) و ((قطف الثمر)) لعلامة صديق حسن خان "١٣٠٧هـ" (ص ٦٦)، و ((الصفات الإلهية)) (ص ٣٠٣ - ٣٠٤) لشيخنا الدكتور محمد أمان بن علي الجامي حفظه الله.
(٦) ((رد الدارمي "نقضه" على بشر المريسي)) (ص ١٩٥ - ١٩٦)، و ((ضمن عقائد السلف)) (ص ٥٥٠ – ٥٥١).
(٧) انظر ((صحيح البخاري))، () التوحيد)) باب قول الله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ *آل عمران: ٢٨* (٦/ ٢٦٩٣ - ٢٦٩٤)، وهكذا فسر مراد الإمام البخاري العلامة المحدث الفقيه أبو محمد عبدالحق بن عبدالواحد الهاشمي "١٣٩٢هـ" في شرح كتاب ((التوحيد)) للإمام البخاري (ص ٧٠).