للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

محمود بن الرَّبيع كما رواه البخاريُّ (١): «عَقَلْتُ من النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- مَجَّةً مجَّها في وجهي من دلوٍ وأنا ابن خمس سنين»، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- فَعَل ذلك معه مُلاعَبَةً وتَبَرُّكًا»، ويُرَدُّ بأنَّه: (هـ/٢٣٥) لا يَلْزَم من تمْيِيز محمودٍ في خمس سنين أن يميِّز غيره فيها أو أن لا يميِّز، وإنما يَلْزَم أن لا يفعل مثل ذلك من سِنَّه أقل من ذلك، كما لا يَلْزَم من عَقْلِ المَجَّة لظهورها أن يَعْقِل غيرها ممَّا سمعه، وقيل: أربع سنين، وقيل: خمس عشرة سنة لا دُونَها؛ لأنَّه -عليه الصلاة والسلام- ردَّ البراء وابن عمر يومَ بدر لصِغَرِهِمَا عن هذا السِّنِّ، قال أحمد بن حنبل: وهو غَلَطٌ، وما تَمَسَّك به في القتال لا في السَّمَاع؛ إذ يكفي فيه العقل والضبط، ولو كان الأمر كما قاله لَمَا صحَّ وكيعٌ وابن عُيَيْنَه وغيرهما ممَّن سَمِع في هذا السِّنِّ، فأنْتَ تراه بعد ردِّ هذا القول اعتبره بالعقل والضبط، ومن هنا اعتبر الشَّارح وغيره من المتأخِّرين صِحَّة السَّمَاع بالتمْيِيز، وهو فَهْمُ الخطاب وردُّ الجواب كان [من] (٢) أهل [سنِّ] (٣) أربع سنين أو أكثر منها، فإنْ لم يكن كذلك لم يصحَّ سماعه وإنْ زاد على الخَمْسِ.

واعلم أنَّ جماعةً منعوا صحَّةَ سَمَاع الصَّبِيِّ؛ لأنَّه مَظِنَّة عَدَمِ ضبطه، ورُدَّ عليهم بإجماع الأئمة على قَبول حديث جماعة من صغار الصحابة، تحمَّلوه في صِغَرِهم ثُمَّ أدَّوه في كِبَرهم بعد بلوغهم، كالحُسين والحَسن وعبد الله بن الزبير والنعمان بن بَشير وعبد الله بن عباس، مع إطباق أهل العِلْم على إحضار صبيانهم مجالسَ الحديث، ثُمَّ الاعتداد بما أدَّوه [ممَّا سمعوه] (٤) أو حضروه بعد البلوغ.


(١) البخاري (٧٧).
(٢) في (ب): [ابن].
(٣) زيادة من (ب).
(٤) زيادة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>