إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة)) [ابن كثير ٢ / ٣٢١] .
وهذا نظير ما يفعله كثير من المبادرة والتسابق إلى نشر أشياء وأخبار وأقوال وإشاعات لم يتأكد من صحتها، ولعلها نقلت على غير وجهها، أو فصلت عن سياقها، أولم تقع، ومع ذلك يظنون معهم العلم كله، وما معهم إلا ظنون وإشاعات وشيء من الأخبار، الله أعلم بصحتها.
وكان اللائق بهم أن يضعوا أنفسهم موضع السائل سؤال التبين والتعلم فيما يحتاج إليه من أمر الدين {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]{فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}[يونس: ٩٤] وبالسؤال تتبين الحقيقة وتتأكد.
وكل هذا إنما يقع لمخالفة القصد والتوسط في تحصيل العلم ونشره وأيا كان هذا العلم.
لا أريد أن أدخل في صفات طالب العلم، ولا في صفات العلم النافع، ولا واجبات أهل العلم، لأن هذا معروف مقرر ويخرج بنا عن أصل الكلام. وإنما أريد أن أؤكد ما يقوله أهل العلم من أن من ((أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقيق به أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام)) (الموافقات ١ / ٥٦) وما قيل من ((أن العلم كان في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتاب، وصارت مفاتحه بأيدي الرجال))