أقرأنيها عمر بن الخطّاب. فلما ذكر عمر، بكى حتى نشج، وحتى رأيت في الحصى من دموعه أثراً، ثم قال: إن عمر كان أعلمنا بالله، وأفقهنا في دين الله، وأقرأنا لكتاب الله، فاقرأها كما أقرأكها عمر، فوالله لهي أبين من طريق السّيلحين، وبالله ما من أهل بيت لم يدخل حزن عمر يوم أصيب إلاّ أهل بيت سوء، كان عمر حصناً حصيناً يدخل الإسلام فيه ولا يخرج منه.
وزاد في رواية: إن عمر كان حائطاً كثيفاً يدخله المسلمون ولا يخرجون منه، فمات عمر، فانثلم الحائط فهم يخرجون ولا يدخلون، ولو أن كلباً أحبّ عمر لأحببته، وما أحببت حبّي لأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجّراح بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبّي لهؤلاء الثلاثة. وقال: لقد أحببت عمر حتى لقد خفت الله، ولو أني أعلم أن كلباً يحبّ عمر لأحببته، ولوددت أني كنت خادماً لعمر حتى أموت، ولقد وجد فقده كلّ شيء حتى العضاه، وإنّ هجرته كانت نصراً، وإن سلطانه كان رحمةً.
عن عمّار بن ياسر، قال: من فضّل على أبي بكر وعمر أحداً من أصحاب النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، وطعن على أصحاب النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فقال عليّ: لا يفضّلني أحد على أبي بكر وعمر إلاّ وقد أنكر حقّي وحقّ أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، في حديث عمرو بن العاص، أنه قال: إن ابن حنتمة بعجت له الدّنيا معاها، وألقت إليه أفلاذ كبدها، ونقّت له مخّتها، وأطعمته شحمتها، وأمطرت له جوداً سال منه شعابها، ودفعت في محافلها، فمصّ منها