للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصر، فقال له عثمان: انطلق إليهم فارددهم بما أحبوا. وبعث معه عثمان أربع مئة راكب، فسار لهم عمرو، فلما دنا منهم نزل ونزلوا، فلما جن الليل قال مسلمة بن مخلد وكان في وفد عبد الله بن سعد: جاءني عين لي فقال: يا أبا سعيد، قد جاء علي الآن مختفياً. فانطلق هو وعمرو إلى الركب سراً، فرصدهم مسلمة فإذا الأمر كذلك، ثم أمرنا عمرو بالانصراف، وما ندري ما قال عمرو للقوم وما ردوا عليه، فذكر الركب الذين خرجوا من مصر أن عمرو بن العاص قال لهم: ما الذي قدمتم له؟ قالوا: أردنا قتل عثمان. قال: لستم في عدد كعدد من مع عثمان، ولكن ارجعوا واقبلوا من الرجل ما أعطاكم حتى تستوثقوا ممن خلفكم وترجعوا إليه ثانية وأنتم في كثف. فقال له ابن بديل وهو أحد خزاعة: يا عمرو، أما علمت أن الله يقول في كتابه: " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " فقال عمرو: يا بن بديل، إنه يكون من قضاء الله كم من فئة كثيرة غلبت فئة قليلة والله مع الصابرين، وأيم الله لو أعلم أن من وراءكم على مثل رأيكم، ثم كنت في أربعة آلاف أخذت منهم الحرمة، فما شعر عثمان حتى نغشاه بالخيل.

ورجع الركب من ذي المروة إلى مصر، فأعطاهم ما سألوا، فلما قدم عمرو المدينة قام عثمان على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد: يا أهل المدينة، فقد بلغني أنكم أكثرتم في الركب، وإني بعثت إليهم عمرو بن العاص، فأخبرني بأمر هو دون ما تذكرون. فقال عمرو بن العاص رافعاً صوته: أتريد أن تجعلها بي يا عثمان؟ كلا والله بل قدموا في أمر جسيم من أمور أهل الإسلام، يا عثمان، إنك قد ركبت بأمتك نهابير وركبوها، فتب ولتتب أمتك. فقال أهل المدينة عند ذلك: نشهد بالله ونشهد من حضر من المسلمين أنا وأهل مصر على أمر واحد. فجالوا حتى حالوا بين عثمان والمنبر، فنزل، فدخل عليه نفر من قومه فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن عمراً هو الذي أغرى بك. فأخرجه عثمان، فطلق عمرو امرأته، ونزل السبع من أرض فلسطين، فقال عمرو حين أخرج:

<<  <  ج: ص:  >  >>