للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبطل كتابه، وقر على عملك حتى يأتيك رأيي، واحبس من يجيء إلي يتظلم منك ليأتيك رأيي في ذلك إن شاء الله.

فلما قرؤوا الكتاب فزعوا وأزمعوا فرجعوا إلى المدينة، وختم محمد الكتاب بخواتيم نفر كانوا معه، ودفع الكتاب إلى رجل منهم، وقدموا المدينة فجمعوا طلحة والزبير وعلياً وسعداً ومن كان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم فضوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغلام، وأقرؤوهم الكتاب، فلم يبق أحد من المدينة إلا حنق على عثمان، وزاد ذلك من كان غضب لابن مسعود وأبي ذر وعمار حنقاً وغيظاً. وقام أصحاب محمد صلى الله عيله سلم فلحقوا بمنازلهم، ما منهم أحد إلا وهو مغتم لما قرؤوا الكتاب.

وحاصر الناس عثمان، وأجلب عليه محمد بن أبي بكر بيتي تيم وغيرهم، فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة والزبير وسعد ونفر من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلهم بدري، ثم دخل على عثمان ومعه الكتاب والغلام والبعير، فقال له علي: هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم. قال: والبعير بعيرك؟ قال: نعم. قال: فأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا. وحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمر ولا علم به، قال له علي: فالخاتم خاتمك؟ قال: نعم. قال: فكيف يخرج غلامك ببعيرك، بكتاب عليه خاتمك ولا تعلم به؟ فحلف بالله ما كتبت ولا أمرت به ولا وجهت هذا الغلام إلى مصر قط. وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان، وشكوا في أمر عثمان، وسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى، وكان مروان عنده في الدار، فخرج أصحاب محمد من عنده غضاباً، وشكوا في أمره، وعلموا أن عثمان لا يحلف بباطل، إلا أن قوماً قالوا: لن يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحثه ونعرف حال الكتاب، وكيف يؤمر بقتل رجل من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغير حق؟ فإن يكن عثمان كتبه عزلناه، وإن يكن مروان كتبه على لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان.

ولزموا بيوتهم، وأبى عثمان أن يخرج إليهم وخشي عليه القتل، وحاصر الناس عثمان، ومنعوه الماء، فأشرف على الناس فقال أفيكم علي؟ فقالوا: لا. قال: أفيكم سعد؟ قالوا: لا. قال: فسكت، ثم قال: ألا أحد يبلغ فسيقينا ماء؟ فبلغ ذلك علياً فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء، فما كادت تصل إليه، وجرح في سببها عدة من موالي بني

<<  <  ج: ص:  >  >>