للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عائشة قالت: توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوالله لو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها؛ اشرأب النفاق بالمدينة، وارتدت العرب من كل جانب، فما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي في خطتها وعنانها؛ قالوا: أين ندفن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فما وجدنا عند أحدٍ من ذلك علماً، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما من نبي يقبض إلا دفن تحت مضجعه الذي مات فيه " قالت: واختلفوا في ميراثه، فما وجدوا عند أحدٍ من ذاك علماً، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إنا - معشر الأنبياء - لا نورث، ما تركنا صدقة ".

وقالت: من رأى عمر عرف أنه خلق عتّالاً للإسلام، كان والله أحْوَزِياً، نسيج وحده، قد أعد للأمور أقرانها.

عن صالح بن كيسان قال: لما كانت الردة قام أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

الحمد لله الذي هدى، فكفى وأعطى فأغنى، إن الله بعث محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والعلم شريد والإسلام غريب طريد، قد رث حبله، وخلق عهده، وضل أهله منه، ومقت الله أهل الكتاب، فلا يعطيهم خيراً لخيرٍ عندهم، ولا يصرف عنهم شراً، لشرٍّ عندهم، قد غيروا كتابهم، وأتوا عليه ما ليس فيه، والعرب الأميون صِفْر من الله، لا يعبدونه، ولا يدعونه، أجهدهم عيشاً، وأضلهم ديناً، في ظلفٍ من الأرض مع قلة السحاب، فجمعهم الله بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجعلهم الأمة الوسطى، نصرهم بمن اتبعهم ونصرهم على غيرهم، حتى قبض الله نبيه، فركب منهم الشيطان مركبه الذي أنزله الله عنه، وأخذ بأيديهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>