للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره. فذكر وهب أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف كثيرة، لا يدرى ما عددهم. فلما رأى ذلك داود شق عليه ما بلغه من كثرة الموت، فتبتل إلى الله ودعاه فقال: أي رب، أنا آكل الحماض، وبنو إسرائيل يضرسون! أنا طلبت ذلك وأمرت به بني إسرائيل؛ فما كان من شيء فبي واعف عن بني إسرائيل. فاستجاب الله له، ورفع عنهم الموت. فرأى داود الملائكة سالين سيوفهم ثم يغمدونها وهم يرفعون في سلم من ذهب، من الصخرة إلى السماء، فقال داود: هذا مكان ينبغي أن نبني لله فيه مسجداً ونكرمه. فأسس داود قواعده وأراد أن يأخذ في بنائه، فأوحى الله إليه: إن هذا بيت مقدس، وإنك صبغت يديك بالدماء، ولست ببانيه، ولكن ابناً لك املكه بعدك اسمه سليمان وأسلمه من الدنيا. فلما ملك سليمان بناه وشرفه.

قال عباد بن شيبة: بلغني أن داود النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلا يوماً فقال: يا رب؛ هجرني الناس فيك، وهجرتهم لك؛ فأوحى الله إلى نبيه عليه السلام: ألا أدلك على شيء يستوي فيه وجوه الناس إليك؟ أن تخالط الناس بأخلاقهم، وتحتجز الإيمان فيما بيني وبينك.

وعن كعب قال: كان داود نبي الله صلى الله على نبينا وعليه وسلم يقول هؤلاء الكلمات ثلاثاً حين يصبح وحين يمسي: اللهم، خلصني من كلمصيبة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض، اللهم اجعل لي سهماً في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض.

وعن سعيد قال: كان من دعاء داود: اللهم، لا تكثر علي فأطغى، ولا تقل لي فأنسى؛ فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى؛ اللهم، رزق يوم بيوم، فإذا رأيتني أجور مجالس الذاكرين إلى مجالس المتكبرين فاكسر رجلي، فإنها نعمة منك تمن بها علي.

وعن وهب قال: كان من تحميد داود: الحمد لله عدد قطر المطر، وورق الشجر، وتسبيح الملائكة، وعهدد ما يكون في البر والبحر؛ والحمد لله عدد أنفاس الخلق ولفظهم وطرفهم وظلالهم، وعدد ما عن أيمانهم وعن شمائلهم، وعدد ما قهره ملكه، ووسعه حفظه، وأحاطت به

<<  <  ج: ص:  >  >>