ولم ينازع المشركون وغالب أقوام المرسلين في الأمم كلها في توحيد الربوبية، وإنما كان نزاعهم في توحيد الألوهية، قال الإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الدمشقي (ت ٧٩٢ هـ) في " شرح الطحاوية "(١ / ٢٨- ٢٩) : (وكثير من أهل النظر يزعمون أن دليل التمانع هو معنى قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢] لاعتقادهم أن توحيد الربوبية، الذي قرروه هو توحيد الألوهية الذي بينه القرآن، ودعت إليه الرسل عليهم السلام.
وليس الأمر كذلك، بل التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الألوهية، المتضمن توحيد الربوبية، وهو عبادة الله وحده لا شريك له.
فإن المشركين من العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، وأن خالق السماوات والأرض واحد، كما أخبر تعالى عنهم بقوله:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان: ٢٥] ، {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}[المؤمنون: ٨٤ - ٨٥] ، ومثل هذا كثير في القرآن، ولم يكونوا يعتقدون في الأصنام أنها مشاركة لله في خلق العالم) اهـ.
ثم قال المالكي ص (١٤٠) : (ثم أطال الأشعري الكلام على هذه المسألة في نحو خمس صفحات، ثم قال: " يقال لهم: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يصح عنه