للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البغوي - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: معنى الآية: " أثخنوا المشركين بالقتل والأسر حتى يدخل أهل الملل كلها في الإسلام، ويكون الدين كله لله، فلا يكون بعده جهاد ولا قتال، وذلك عند نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام " (١) .

والآية الثالثة: قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: ١٥٩] (٢) .

قرر كثير من المفسرين أن الضميرين في (به) ، و (موته) لعيسى ابن مريم عليه السلام (٣) .

وقد روى ابن جرير الطبري - رحمه الله - عن أبي مالك - رحمه الله - في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩] قال: " ذلك عند نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمن به " (٤) .

يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: " ولا شك أن هذا هو الصحيح؛ لأنه المقصود من سياق الآي في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك، فأخبر الله أنه لم يكن الأمر كذلك، وإنما شبه لهم، فقتلوا الشبه وهم لا يتبينون ذلك، فأخبر الله أنه رفعه إليه، وأنه باق حي، وأنه سينزل قبل يوم القيامة، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة التي سنوردها إن شاء الله قريبا، فيقتل مسيح الضلالة، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، يعني: لا يقبلها من أحد من أهل الأديان، بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف، فأخبرت هذه الآية الكريمة أنه


(١) تفسير البغوي (٤ / ١٧٩) .
(٢) سورة النساء، الآية: ١٥٩.
(٣) انظر: تفسير الطبري (٦ / ٢١) ، وتفسير البغوي (١ / ٤٩٧) ، وتفسير ابن كثير (١ / ٥٧٧) .
(٤) تفسير ابن جرير الطبري. (٦ / ١٨) .

<<  <   >  >>