الأَوَّلُ مِنْ كِتَابِ (مُنْتَهَى رَغَبَاتِ السَّامِعِينَ فِي عَوَالِي أَحَادِيثِ التَّابِعِينَ) , مِنْ إِمْلاءِ أَبِي مُوسَى عَفَا اللَّهُ عَنْهُ.
وَقْفُ الْحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيِّ , رَحِمَهُ اللَّهُ.
أَخْبَرَنَا بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا , عَنِ ابْنِ الْمُحِبِّ , وَابْنِ الْبَالِسِيِّ , عَنِ الْمِزِّيِّ , وَكَتَبَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْهَادِي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَيِّدُنَا الإِمَامُ الْحَافِظُ النَّاقِدُ تَقِيُّ الدِّينِ شَيْخُ الإِسْلامِ.
الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الأَرْبَابِ , وَمَالِكِ الْمُلُوكِ , وَمَوْلَى الْمَوَالِيَ الْمُنْعِمِ عَلَى خَلْقِهِ بِسَوَابِغِ نِعَمِهِ , الْمُتَوَاتِرِ مِنْهَا وَالْمُتَوَالِي , وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الَّذِي هُوَ عَنِ الشِّرْكِ مُنَزَّهٌ , وَعَنِ الْمِثْلِ مُتَعَالِي , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُحَرِّضُ عَلَى مَا يُفْضِي إِلَى الْمَنَازِلِ الأَعَالِي , أَسْكَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْفِرْدَوْسِ أَعْلَى الْغُرَفِ وَالْعَلالِي , وَصَلَّى وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ , وَأَصْحَابِهِ , وَأَزْوَاجِهِ , وَذُرِّيَّاتِهِ عَلَى التَّوَالِي , وَعَلَى أُمَّتِهِ الآخِرِينَ السَّابِقِينَ لِلأُمَمِ الْخَوَالِي , أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّ أَوَّلَ مَا طَلَبَهُ صَاحِبُ الْحَدِيثِ مِنَ الأَسَانِيدِ هُوَ الْعَوَالِي؛ لأَنَّهَا فِيمَا بَيْنَهَا مُشْرِقَةٌ كَالدُّرَرِ وَاللآلِئِ , وَلا يَزَالُ طَالِبُهَا فِي الْعُلُوِّ وَالتَّعَالِي؛ لأَنَّ نَائِلَهَا يَقْرُبُ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ ذِي الْمَعَالِي , وَإِنِّي لَمَّا فَرَغْتُ مِنْ إِمْلاءِ السُّبَاعِيَّاتِ وَمَا يَلِيهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ , أَرَدْتُ أَنْ أُمْلِيَ عَوَالِيَ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ , فَعَاقَبَتْنِي عَوَائِقُ الزَّمَانِ , وَشَغَلَتْنِي شَوَاغِلُ الإِنْسَانِ , فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ إِلَى الآنَ , وَهَآنَذَا مُمْلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَوَفَّقَ , وَأَعَانَ , وَبَدَأْتُ بِذِكْرِ عَوَالِي أَحَادِيثِ التَّابِعِينَ الَّتِي وَقَعَتْ لِي , وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَمْسَةٌ فِي الإِسْنَادِ , ذَكَرْتُ أَسَامِيَهُمْ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ , وَكُلَّ مَنْ وَقَعَ لِي حَدِيثُهُ , كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ , أَوْرَدْتُ عَنْهُ جَمِيعَ مَا وَقَعَ إِذَا قَلَّ , وَلَمْ يُفْضِ إِلى الْمَلالِ , وَكُلَّ مَنْ تَعَدَّدَ الطَّرِيقُ إِلَيْهِ , أَخْرَجْتُ لِكُلِّ طَرِيقٍ حَدِيثًا , وَذَلِكَ بَعْدَمَا اسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى , وَسَأَلْتُهُ النَّفْعَ بِهِ إِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَيْهِ.