للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن الضحاك أنه قال: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ بقول (١): لا إله إلا الله الذي به حُقِنَتِ الدِّمَاءُ.

وعن ابن كيسان: بالهدى. وعن مقاتل: بالدين. وعن السُّدِّي: بالإسلام. وعن عكرمة: بالثبات على الإيمان والاستقامة.

والأقوال متقاربةٌ، ويناظر الآيتين قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ (٢) فقد فسر ذلك بالدين الحق، ويقرب منه قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ (٣) فقد فُسِّرَتِ النِّعْمَةُ بأحكام الدين وشرائعه.

والتعرض لنعمة الله على زيد، ونعمة رسوله في القصة كالتذكير له والحمل على الشكر على النِّعَمِ والانقياد لحكم الله ورسوله والخضوع لأمرهما.

وقد قيل: إنَّ شكر النعمة تربية لها، وترك الشكر إضاعة.

وقال بعضهم: [طويل]

لَعَمْرُكَ مَا المَعْرُوفُ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ … وَفِي أَهْلِهِ إِلَّا كَبَغْضِ الْوَدَائِعِ

فَمُسْتَوْدَعٌ ضَاعَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ … وَمُسْتَودَعٌ مَا عِنْدَهُ غَيْرُ ضَائِعِ

وَمَا النَّاسُ فِي شُكْرِ الصَّنِيعَةِ عِنْدَهُمْ … وَفِي كُفْرِهَا إِلَّا كَبَعْضِ الْمَزَارعِ

فَمَزْرَعَةٌ طَابَتْ وَأَضْعَفَ نَبْتُهَا … وَمَزْرَعَةٌ أَكْدَتْ عَلَى كُلِّ زَارعِ (٤)

ويقال: إنَّ الله تعالى أوحي إلى موسي : ارحم عبادي، المبتلى والمعافي.


(١) في د: بأن يقولوا.
(٢) إبراهيم: ٢٨.
(٣) المائدة: ٣.
(٤) انظر "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" لابن حبان (ص ٢٥٦).

<<  <   >  >>