وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول: دعنا من النقل ومن العقل، وهات الذوق والوجد، فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر، أو قد حَلَّ فيه، إن جبنت (جبنت يعني ضعفت، وخفت) منه فاهرب، وإلا فاصْرَعْهُ، وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه" (١)[١] ا. هـ.
= ويقصد ما يراه بعقل نفسه، فهذا مبتدع، وليقولن قائل: كيف تردون دلالة العقل، فنقول له: لأننا لا نرد دلالة العقل الصحيحة، وإنما المخالف يريد أن يجعل قناعاته هي العقل، بينما عقله يمكن أن يكون فيه شبهة أوْرَدَتْهُ للخطأ في المعتقد، ويمكن أن تكون الشياطين ألقت في عقله وساوس جعلته يبتعد عن الحق، ويمكن أن يكون قد خفي عليه بعض وجه الحق الخفاء دليله، فظن أن ما لديه هو العقل.
* قوله: "وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول: دعنا من النقل والعقل .. " مثل ذلك ما إذا جاءك أهل التصوف، وقالوا نسير على الذوق والوجد والإلهام، وما يلقيه الله في قلوبنا، فهؤلاء أيضًا مبتدعة؛ لأن الشياطين تُلْقِي في قلوبهم وساوس يظنونها إلهامًا، وقد يأتيهم الشيطان، ويقول: أنا ملك، فيأخذون منه، وحينئذٍ احذر من عدوك الشيطان؛ لأنه قد يلقي في قلبك وفي عقلك وساوس تظنها أدلة عقلية ويقينية، وما هي إلا جهالات، ومن هنا ينبغي أن تتخذ الأسباب التي تجعلك لا تستجيب لوساوس الشيطان؛ ومن ذلك: أن تكثر من قراءة القرآن، وأن تكثر من التهليل، وأن تكثر من ذكر الله؛ لئلا يلقي الشيطان في قلبك هذه الشبهات فتكون من المبتدعين.