للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا أهلُ البدع؛ فمَن قال: إنَّه من المريدين لله المحبين له، وهو لا يقصد اتباع الرسول والعمل بما أمر به، وترك ما نهى عنه، فمحبته فيها شَوْبٌ من محبة المشركين واليهود والنصارى بحسب ما فيه من البدع، فإن البدع ليست مما دعا إليه الرسول ولا يُحبها الله، فإن الرسول دعا إلى كلِّ ما يحبه الله، فأمر بكلِّ مَعروف ونهى عن كل منكر (١).

فمحبة الله ورسوله وعِباده المُتَّقِين تَقتضي فِعل محبوباته وترك مكروهاته، والناس يتفاضلون في هذا تفاضلًا عظيمًا؛ فمَن كان أعظم نصيبًا من ذلك كان أعظم درجة عند الله، ومَن كان أقل نصيبًا كان ذلك سببًا في نزول درجته ومنزلته.

وأمَّا مَنْ كان غير مُتَّبع لسبيل النبي ، فكيف يكون محبًّا لله ؟! (٢)، ومعلوم أنه لا يَتم الإيمان والمحبة لله إلا بتصديق الرسول فيما أخبر، وطاعته فيما أمر (٣).

فلابد لمحبِّ الله مِنْ متابعة الرسول ، والمجاهدة في سبيل الله، بل هذا لازم لكل مؤمن؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وجَاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحجرات: ١٥]؛ فهذا حبُّ المؤمن لله.

وقد قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وأَبْنَاؤُكُمْ وإِخْوانُكُمْ وأَزْواجُكُمْ وعَشِيرَتُكُمْ وأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا ومَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ وجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٨/ ٣٦٠).
(٢) «مجموع الفتاوى» (١٨/ ٣١٦).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٨/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>