للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• قَالَ الخطيب البغدادي: إَنَّ فِيمَا عَانَاهُ مُوسَى مِنَ الدَّأَبِ وَالسَّفَرِ وَصَبَرَ عَلَيْهِ مِنَ التَّوَاضُعِ وَالْخُضُوعِ لِلْخضرِ بَعْدَ مُعَانَاةِ قَصْدِهِ مَعَ مَحِلِّ مُوسَى مِنَ اللَّهِ وَمَوْضِعِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ، وَشَرَفِ نُبُوَّتِهِ دَلَالَةٌ عَلَى ارْتِفَاعِ قَدْرِ الْعِلْمِ، وَعُلُوِّ مَنْزِلَةِ أَهْلِهِ، وَحُسْنِ التَّوَاضُعِ لِمَنْ يَلْتَمِسُ مِنْهُ وَيُؤْخَذُ عَنْهُ، وَلَوِ ارْتَفَعَ عَنِ التَّوَاضُعِ لِمَخْلُوقٍ أَحَدٌ بِارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ، وَسُمُوِّ مَنْزِلَةٍ لَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ مُوسَى، فَلَمَّا أَظْهَرَ الْجَدَّ وَالِاجْتِهَادَ، وَالِانْزِعَاجَ عَنِ الْوَطَنِ وَالْحِرْصِ عَلى الِاسْتِفَادَةِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالْحَاجَةِ إِلَى أَنْ يَصِلَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَى مَا هُوَ غَائِبٌ عَنْهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهَ لَيْسَ فِي الْخَلْقِ مَنْ يَعْلُو عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، وَلَا يَكْبُرُ عَنْهَا (١).

الفائدة التاسعة عشرة: يعطى العبد من العلم على قدر صبره، فإنَّ موسى أخذ من العلم بقدر ما صبر.

الفائدة العشرون: وفيه أدب المتعلم مع المعلم، وهو أدب موسى مع الخضر.

الفائدة الحادية والعشرون: جواز تعنيف المعلم للمتعلم إن خالف أمره حتى وإن كان المتعلم فاضلًا.

الفائدة الثانية والعشرون: ينبغي الاعتذار عن الخطأ وخاصة من المتعلم للمعلم إن خالف أمره.

الفائدة الثالثة والعشرون: إنكار المنكر الظاهر، فقد أنكر موسى على الخضر القتل وإفساد الأموال.

الفائدة الرابعة والعشرون: قد يفعل المنكر لدفع منكر أعظم، وهو ما يسميه الأصوليون ب"تزاحم المحرمات"، ويسمى في القواعد الفقهية ب"تزاحم المفاسد".


(١) الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (ص ١٠٢) ط دار الكتب العلمية.

<<  <   >  >>