للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أمثلة ذلك أيضًا: قوله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: ٣٢]، هكذا مثل به الطوفي.

حجة المنع: قال الغزالي في مسلك الدوران: الطرد والعكس، وقد قال قوم: الوصف إذا ثبت الحكم معه وزال مع زواله يدل على أنه علة، وهو فاسد؛ لأن الرائحة المخصوصة مقرونة بالشدة في الخمر ويزول التحريم عند زوالها، ويتجدد عند تجددها، وليس بعلة بل هو مقترن بالعلة؛ وهذا لأن الوجود عند الوجود طرد محض، فزيادة العكس لا تؤثر؛ لأن العكس ليس بشرط في العلل الشرعية، فلا أثر لوجوده وعدمه، ولأن زواله عند زواله يحتمل أن يكون لملازمته للعلة، كالرائحة أو لكونه جزءًا من أجزاء العلة أو شرطًا من شروطها، والحكم ينتفي بانتفاء بعض شروط العلة، وبعض أجزائها فإذا تعارضت الاحتمالات فلا معنى للتحكم.

وعلى الجملة: فنسلِّم أنَّ ما ثبت الحكم بثبوته فهو علة، فكيف إذا انضم إليه أنه زال بزواله.

أما ما ثبت مع ثبوته، وزال مع زواله فلا يلزم كونه علةً كالرائحة المخصوصة مع الشدة، أما إذا انضم إليه سبر وتقسيم كان ذلك حجة،

<<  <  ج: ص:  >  >>