للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكلا الحديثين قياس من النبي ، وهو قياس الأولى، فالأصل الدين المادي، والفرع الحج والصيام، والجامع بينهما أنَّ كليهما دين؛ لذلك أعطى النبي حكم الأصل للفرع بجامع العلة، وقوله : «أرأيت لو كان … الحديث»، هذه تربية منه للصحابة وتعليم لهم كيف يستنبطون الأحكام.

وجاء من حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله جاءه أعرابي، فقال: يا رسول الله إنَّ امرأتي ولدت غلامًا أسود، فقال: «هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: ما ألوانها؟ قال: حمر. قال: فيها من أورق؟ قال: نعم. قال: فأنى كان ذلك؟ قال: أراه عرق نزعه. قال: فلعل ابنك هذا نزعه عرق» (١).

ومن ذلك ما ورد من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله : «وفي بُضع أحدكم صدقة»، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ» (٢).

وهذا نوع من أنواع القياس يسمى قياس العكس، وهو إثبات نقيض حكم الأصل للفرع؛ لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه.


(١) أخرجه البخاري (٦٨٤٧)، ومسلم (١٥٠٠) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(٢) أخرجه مسلم (١٠٠٦) من حديث أبي ذر مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>