بحكم، وشريعة بشريعة كان التبديل لمراعاة هذه المصلحة.
٣ - رحمة الله بعبادة والتخفيف عنهم.
فإن قيل: بأنَّ النسخ قد يكون بأثقل.
أجيب: بأنَّ الرحمة قد تكون بالأثقل أكثر من الأخف لما يستلزمه من تكثير الثواب، والله لا يضيع عمل عامل، فتكثير الثواب في الأثقل يصيره خفيفًا على العامل يسيرًا عليه لما يتصوره من جزالة الجزاء (١).
٤ - تهيئة النفوس إلى تقبل الحكم الأخير، وبيان ذلك أنَّ الناس قبل مجيء الإسلام كانوا في جاهلية تعمها الفوضى، وعدم الانضباط بأنظمة وأحكام وقيود، فاقتضت حكمة الشارع ألا ينقلهم دفعة واحدة إلى ما يستقر إليه التشريع آخر الأمر، فسلك بهم طريق التدريج في التشريع من الأخف إلى الأشد من أجل أن تتهيأ نفوسهم إلى تقبل حكمه النهائي؛ إذ لو ألزمهم بالأحكام النهائية من أول وهلة؛ لأدى ذلك إلى تنفيرهم عن الإسلام، ومثال ذلك: تشريع الصلاة، فقد شرعت الصلاة أولًا ركعتين في الغداة، وركعتين في العشي، ثم شرعت خمسًا ركعتين ركعتين عدا المغرب، فقد كانت ثلاثًا ثم أقرت تلك الصلاة في السفر وزيد في الحضر، فجعلت أربعًا في الظهر، والعصر،
(١) انظر البحر المحيط (٤/ ٧٧)، إرشاد الفحول بتصرف (٢/ ٧٩١).