للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال: يا صالح لو وجدت رجالاً يعملون بما آمرهم وهابوني في رعيتي لظننت أني ألقى الله ﷿ وأمر أمة محمد أقل ذنوبي وأهون حسابي، ولكن دلني على وجه النجاة فإن لم أعمل كنت أنا الجاني على ظهري والمؤثر هواي على رضا ربي، فقال له صالح:

أنت يا أمير المؤمنين أعلم بموضع النجاة.

قال: لو أعلم بموضع النجاة ما كنت أولى بعظتي مني بعظتك، وما هو إلا أن أركب سيرة عمر بن الخطاب ، ولا يصلح والله عليها أحد من أهل هذا العصر، وذلك أن الناس في الزمن الماضي كان يرضى أحدهم الطمر البالي، وتقنعه الكسرة اليابسة والماء القراح، وهم اليوم في مضاعف الخز والوشي، ومائدة أحدهم في اليوم بمثل غنى ذي العيال في زمن عمر. أو أسيح في الأرض ذات العرض فإلى من أكلهم؟

إلى ولد أبي طالب، فوالله ما أعلم للمسلمين حاجة بهم، ولا حافز عندهم، ولو أنني حملت الناس على سيرة العمرين في هذا العصر كنت أول مقتول وذلك أن الفطام عن هذا الحطام شديد لا يصبر عليه إلا المبرز السابق، وأنى أولئك القوم يا صالح!

والله لقد بلغني أن لسعيد بن سلام ألف سراويل مخارم وألف جبة ولعبادة بن حمزة ألف دواج وهي أقل ملكهم، فما ظنك بي وهم أجل عددي وبدتي وسهام كنانتي لو حملتهم ومن أشبههم كمعن بن زائدة وعبد الله بن مالك على التقشف والنسك وأخذت ما بأيديهم ووضعته حيث تراه أنت وأنا هل كانت نفس أبغض إليهم من نفسي أو حياة أثقل عليهم من حياتي قال: فأطرق صالح مفكراً ثم رفع رأسه فقال يا أمير المؤمنين إنه ليقع في خلدي أنك قبلت قولي قبول تحقيق لا قبول رياء!!.

<<  <   >  >>