له احتفظ بالرعية. وفي يوم الاثنين عاشره طلع المماليك الجراكسة إلى الميدان الذي تحت القلعة، وحضر كاتب المماليك شرف الدين الصغير، وأنفق على المماليك جامكية شهر واحد، وبقي لهم شهران مكسوران. ولم يحضر ملك الأمراء تفرقة الجامكية بالميدان، بل حضر شرف الدين الصغير وجماعة من كتاب المماليك. وشرع شرف الدين كاتب المماليك يقول للمماليك: يا أغوات كل من أخذ الجامكية يعمل برقة للسفر. ويقول له: إذا طلبت منك هؤلاء المماليك للسفر فأحضر بهم. فنزلوا من القلعة على ذلك.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشر ربيع الأول كانت ليلة المولد النبوي، فصنع له ملك الأمراء مولدا لم يشعر به أحد من الناس. فقيل أحضر عنده عشر جوخ للمقربين فضجوا من ذلك، وقالوا نحن كان يدخل علينا في مولد السلطان لكل واحد منا مائة شقة، فكيف نأخذ في مولد ملك الأمراء جوخة بأشرفيين؟ فرسم لكل منهم بجوخة بأربع أشرفيات لا غير.
ثم بعد العصر مد سماطا في المقعد الثاني الذي بالحوش ليس بكبير أمر، تخاطفته العثمانية في لمح البصر وبات غالب الفقهاء بلا عشاء، وأين الحسام من المنجل بالنسبة لما كان يعمل في مولد السلاطين الماضية من الأسمطة الحافلة، والشفق الحرير التي كانت تدخل على المقربين والوعاظ، ولا سيما ما كان يعمل في مولد السلطان قانصوه الغوري. فكان يصرف على مولده فوق الأربعة آلاف من الدنانير، ويحضر عنده في تلك الخيمة المعظمة التي لم يسمح الزمان بمثلها أبدا القضاة الأربعة، ومن الأمراء المقدمين أربعة وعشرون أميرا مقدم ألف، غير بقية الأمراء والعسكر وهم بالشاش والقماش، فأين هذا النظام من ذلك النظام العظيم. فيا أسفي على تلك الأيام، كأنها منامات أحلام! وقد قال القائل في المعنى:
يا دهر بع رتب المعالي مسرعا … بيع الهوان ربحت أم لم تربح
قدم وأخر من أردت من الورى … مات الذي قد كنت منهم تستحي
وفي يوم السبت خامس عشر ربيع الأول خلع ملك الأمراء خاير بك علي الزيني بركات بن موسى المحتسب واستقر به أمير ركب المحمل الشريف، وكانت هذه الوظيفة لا يستقر بها لا أمير مقدم. ولعمري أن هذه الوظيفة قد هانت حتى سامها كل مفلس، فخلع عليه قفطانا مخملا مذهبا، ونزل من القلعة في موكب حافل وقدامه أعيان المباشرين والأمراء العثمانية، وجماعة من الأمراء الجراكسة، والمماليك الجراكسة، فرجت له