يا ناقلا إليّ قول حاسدي … لا ينبغي نقل الذي لا ينبغي
لا تؤذني في حجة النصح فما … أسمعني السوء سوى مبلغي
ثم ان السلطان أرسل خلف الأمير بيدرا وقت الظهر. فلما حضر بين يديه وبخه بالكلام، وقصد القبض عليه وتوعده بكل سوء، فتلطف به الأمير بيدرا في الكلام حتى خرج من بين يديه، فاجتمع بالأمراء من خشداشينه واتفق رأيهم على الوثوب على السلطان.
ثم أن السلطان قصد أن يتصيد ويخلو بنفسه، فأعطى الأمراء والعسكر دستورا بأن يتوجهوا إلى القاهرة إلى حين يعود السلطان، فمضى الأمراء والعسكر إلى القاهرة، ولم يبق مع الملك الأشرف سوى بعض مماليك جمدارية. فلما كان يوم السبت خامس المحرم ركب السلطان وانفرد وحده - وليس معه سوى أمير شكار شهاب الدين بن الأشل - فلما بلغ ذلك الأمير بيدرا رجع من أثناء الطريق وقال هذا وقت انتهاز الفرصة … قيل في الأمثال:
وانتهز الفرصة أن الفرصة … تصير إن لم تنتهزها غصة
وان رأيت النصر قد لاح لكا … فلا تقصر واحترز أن تهلكا
فأرسل الأمير بيدرا خلف خشداشينه - وهم الأمير قراسنقر، والأمير لاجين، والأمير بهادر، والأمير آق سنقر، وجماعة من الخاصكية - فشدوا في أوساطهم تراكيش وسيوفا، وركبوا خيولهم، ثم ساقوا خلف السلطان، فوجدوه منفردا وحده وليس معه سوى أمير شكار وبعض مماليك جمدارية … فلما رآهم السلطان قاصدينه - وكانوا نحو عشرة من الأمراء - أحس بالشر، وظهر له منهم الغدر. فلما أن وصلوا إليه عاجلوه بالحسام قبل الكلام. فكان أول من ابتدأه بالحسام الأمير بيدرا نائب السلطنة، فضربه بالسيف على يده، فصاح عليه الأمير لاجين وقال له:"ويلك! الذي يريد أن يتسلطن يضرب هذه الضربة؟ ".
ثم ضربه الأمير لاجين على كتفه ضربة فوقع إلى الأرض … فجاء الأمير بهادر، رأس نوبة النواب، ونزل عن فرسه، وأدخل السيف في دبر السلطان وأخرجه من حلقه، وصار