وأنشأ الميدان الذي كان تحت القلعة، ونقل إليه الأشجار من البلاد الشامية، وأجري إليه ماء النيل من سواق نقالة، وأنشأ به المناظر والبحرة والمقعد والمبيت برسم المحاكمات
وأنشأ جامعا خلف الميدان عند حوش العرب بخطبة ومئذنة، وجدد عمارة بالقلعة منها الدهيشة، وقاعة البيسرية، وقاعة العواميد، وقاعة البحرة. وأنشأ المقعد القبطي الذي بالحوش، وجدد عمارة المطبخ الذي بالقلعة، وجدد عمارة سبيل المؤمنين، وجعل سقفه معقودا بالحجر. وأنشأ الربع والدكاكين التي بسويقة عبد المنعم. وأنشأ الربع والوكالة التي في الجسر الأعظم. وجدد عمارة ميدان المهارة الذي بالقرب من قناطر السباع، وبناه بالحجر الفص المشهر بعد ما كان بالطوب اللبن. وأنشأ المجراة ونقلها من درب الخولي إلى موردة الحلفاء.
وجدد عمارة المقياس، وأنشأ به القصر على تلك البسطة التي كانت هناك. وأنشأ بها المقعد المطل على البحر … وجدد عمارة قنطرة بني وائل، والقنطرة الجديدة وقنطرة الحاجب، وقنطرة الخرنوبي وأعلاها، حتى صارت تدخل المراكب من تحتها. وجدد عمارة قناطر السباع. وأنشأ المساطب وعليها الدعائم عند قبة الأمير يشبك التي بالمطرية.
وأنشأ بالطينة على ساحل البحر المالح قلعة لطيفة بها أبراج وجامع بخطبة. وأنشأ بثغر رشيد سورا وأبراجا لحفظ الثغر، وجدد عمارة الأبراج بالإسكندرية، وأصلح طريق العقبة، ودوار حقن.
وأنشأ هناك خانا وأبراجا على بابه، وجعل فيه حواصل لأجل ودائعت الحجاج. وأنشأ في الأزلم خانا وجعل فيه حواصل مثل الخان الذي في العقبة، وحفر هناك الآبار في عدة مواضع من مناهل الحجاج.
وأنشأ بمكة المشرفة مدرسة ورباطا للمجاورين والمنقطعين هناك، وأجرى عين بازان بعد ما كانت انقطعت من سنين، وأنشأ بجدة سورا على ساحل البحر المالح، وفيه عدة أبراج بسبب حفظ بندر جدة من الفرنج، وجاء هذا السور من أحسن المباني هناك. وله غير ذلك من الآثار الحسنة عدة مبان بها نفع للمسلمين.
وبالجملة أن السلطان الغوري كان خيار ملوك الجراكسة على عوج فيه، ولم يجئ من بعده أحد من الملوك يشابهه في أفعاله وعلو همته وعزمه في الأمور. وكان كفؤا تاما للسلطنة، مبجلا في المواكب، تملأ منه العيون.
وأما من توفي في أيامه من أعيان العلماء، ومشايخ الإسلام، وقضاة القضاة، فمنهم:
الشيخ بدر الدين ابن عبد الرحمن الديري رحمة الله عليه، وكان من أعيان علماء الحنفية مفتيا مدرسا عريقا ولي مشيخة الجامع المؤيدي، وكان من خيار أبناء الديري. وتوفي