للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذي القعدة، في يوم الأربعاء خامسة، نزل السلطان إلى نحو تربة العادل التي تجاه المطرية، وجلس على المطرية، وجلس على المصطبة التي هناك، وجربوا قدامه عدة مكاحل بأحجار كبار، ثم توجه إلى قبة يشبك التي هناك، وأمر بعمارة فساقى وحفر بئر بسبب مرور المسافرين من هناك، وشرع في فتح عمارة كبيرة. وجعل الأمير تاني بك الخازندار أحد الأمراء المقدمين شادا على هذه العمارة، فقدروا على مصروف هذه العمارة مالا جزيلا، وما كان الوقت محتاجا إلى تلك العمارة هناك، وتكلموا بأنه ينشيء هناك قصرا عظيما، وبحرة طولها نحو من مائة ذراع، وينشئ هناك غير ذلك أشياء كثيرة.

ومما وقع في هذه الأيام أن كلبة في الأزبكية ولدت أحدى عشر كلبا في بطن واحدة فعد ذلك من النوادر الغريبة.

وفي يوم الخميس سادسة حضر إلى الأبواب الشريفة أحد أولاد أحد بك بن عثمان مالك الروم، وهو شخص يسمى سليمان بك، وألبسه سلاري صوف بسمور من ملابيسه، وقيل: إن والده أحمد بك فر من أخيه سليم شاه الذي تولى على مملكة الروم، وقصد أنه يحضر إلى عند السلطان، فبدا له من بعد ذلك أمره، فتوجه إلى عند شاه إسماعيل الصفوي وحضر ابنه إلى عند السلطان، فلما انشرح السلطان لذلك وخشى مما يأتي من هذه الحركة.

وفي يوم الاثنين عاشرة خلع السلطان على الأمير أقباي الطويل أمي ر آخور ثاني، وعينه بأن يتوجه قاصدا إلى سليم شاه بن عثمان ملك الروم، وليهنيه بالملك، وينسج مودة بينهما، فنزل أقباي من القلعة في موكب حافل.

وفيه تغير خاطر السلطان على الشرفي يونس بن الأقرع نقيب الجيوش المنصورة، وقرر عليه عشرين ألف دينار وكتب خط يده بذلك، وكان سبب هذه الكاينة له أن يونس السيفي قيت الرحبى كاشف منفلوط تغير السلطان عليه وقرر عليه مالا له صورة، وسلمه إلى يونس نقيب الجيش. فلما نزل به إلى داره تسحب من عنده واختفى فتغير خاطر السلطان على نقيب الجيش وقال: "ما أعترف بالمال الذي عليه إلا منك". فكان هذا سببا لكاينة نقيب الجيش مع السلطان، وكان نقيب الجيش من وسائط السوء إذا وقف بين يدي السلطان ما يتحدث في أحد من الناس بخير، ويحصل للناسم منه الضرر الشامل، فكان يستحق كل سوء، فلما جرى عليه ذلك شرع في بيع أملاكه ورزقه وقماشه وخيوله، وجاء عليه السلطان مجيء وحش، والمجازاة من جنس العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>