للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا}؛ أي: أعْطِنِيها، وقيل: ضُمَّها إلَيَّ حتى أكْفُلَها، {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (٢٣) أي: غَلَبَنِي، مأخوذٌ من المُعازّةِ، وهي المُغالَبةِ، {قَالَ} داود {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} يعني الشركاء {لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} ابتداءٌ وخبرٌ، و {الَّذِينَ} في موضع نصبٍ على الاستثناء، و {مَا هُمْ} مؤكِّدةٌ، كأنه قال: ما أقَلَّهُمْ، تقول: قَلِيلٌ ما، أي: قَلِيلٌ وأيُّ قَلِيلٍ (١).

قوله: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ}؛ أي: ابْتَلَيْناهُ بالخطيئة، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} يعني: سأل داوُدُ عليه السّلام رَبَّهُ غُفْرانَ خطيئته التي أخطأها، وقصته مشهورةٌ، {وَخَرَّ رَاكِعًا} يعني ساجدًا، وعَبَّرَ بالركوع عن السجود لأن كليهما بمعنى الانحناء (٢)، {وَأَنَابَ (٢٤)} راجع [إلى] ما يُحِبُّ اللَّهُ تعالى من التوبة والاستغفار، ونصب {رَاكِعًا} على الحال.

قوله: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} يعني الذَّنْب، {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا} يعني في الآخرة {لَزُلْفَى} لَقُرْبةً ومَكانةً ومَنْزِلةً حَسَنةً {وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥)} يعني الجنة التي هي مآب الأولياء والأنبياء، ومَحَلُّ "زُلْفَى" نصبٌ؛ لأنه اسم "إنّ"، وخبرها قوله: {لَهُ عِنْدَنَا}.


(١) ويجوز أن تكون "ما" اسمًا موصولًا بمعنى "الَّذِي" في موضع رفع على الابتداء، وخبره " قَلِيلٌ"، و"هُمْ" مبتدأ، وخبره محذوف، والجملة صلة "ما"، والمعنى: وقليل الذين هُمْ كذلك، ينظر: إيضاح الوقف والابتداء ص ٣٣٣، ٨٦٢، كشف المشكلات ٢/ ٢٦٢، عين المعانِي ١١٣/ أ، الفريد ٤/ ١٦١.
(٢) قاله الواحدي في الوسيط ٣/ ٥٤٩، وينظر: زاد المسير ٧/ ١٢٢، القرطبي ١٥/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>